للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ (١) فإن الموصوف النوع الجامع للصفات المتقدمة، وإن لم يعلم أن موصوفها واحد من جهة وضع اللفظ، فإن دل دليل على أنه من عطف الصفات، أتبع كهذه الآية الكريمة، فإن هذه الأعداد لمن جمع هذه الطاعات العشر، لا لمن انفرد بواحد منها؛ إذ الإسلام والإيمان كل منهما شرط فى الأجر، وكلاهما شرط فى حصول الأجر على البواقى، ومن كان مسلما مؤمنا له أجر، لكن ليس هذا الأجر العظيم الذى أعده الله فى هذه الآية الكريمة، وقرن به إعداد المغفرة، وإعداد المغفرة زائد على المغفرة، فلخصوص هذه الآية جعل الزمخشرى ذلك من عطف الصفات والموصوف واحد، فلو لم يكن كذلك واحتمل تقدير موصوف مع كل صفة وعدمه حمل على التقدير، فإن ظاهر العطف يقضى بالتغاير، ولا يقال: الأصل عدم التقدير؛ لأن هذا الظاهر مقدم على رعاية ذلك الأصل، ومثاله قوله تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ (٢) ولو كانت من عطف الصفات لم يستحق الصدقة إلا من جمع الصفات الثمان، ولذلك إذا وقف على الفقراء والفقهاء والنحاة استحقه من به إحدى هذه الصفات، والله تعالى أعلم.

الرابع: شبه كمال الانقطاع بأن يكون للمفرد الأول حكم لا يقصد إعطاؤه للثانى نحو: زيد مجيب إن قصد صالح، إذا أردت الإخبار بأنه صالح مطلقا فإن عطف صالح على مجيب يوهم أنه صالح إن قصد؛ لأن الشرط فى أحد المتعاطفين شرط فى الآخر بخلاف الشرط فى واحد من خبرى المبتدأ، وتارة يكون عطفه على المفرد قبله يوهم عطفه على غيره، نحو:

كان زيد ضاربا عمرا قائما، فلو قلت: وقائما؛ لأوهم أنه معطوف على عمرا المفعول.

الخامس: شبه كمال الاتصال كقولك: زيد غضبان ناقص الحظ، كأن سائلا سأل لم غضب وهذا تقدير معنوى لا صناعى، ولو كان صناعيا لدخل فى عطف الجمل.

السادس: أن يكون بينهما التوسط من كمال الانقطاع وكمال الاتصال كقولك: زيد معط مانع على أن يكونا خبرين فإنك إذا أردت جعل الثانى صفة تعين الوصل - كما سبق - إلا بتأويل ثم ذلك فى المفردات يكون أيضا بالاتحاد، فتارة يتحد فيه باعتبار المسند، ونعنى به مدلول المفرد والمسند إليه، وهو العامل فى المفردين، مثل: زيد


(١) سورة التوبة: ١١٢.
(٢) سورة التوبة: ٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>