للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ووصف له كالنعت، لكن خولف هذا إذا كانت جملة، فإنها من حيث هى جملة مستقلّة بالإفادة؛ فتحتاج إلى ما يربطها بصاحبها،

ــ

وقوله:

دخلت على معاوية بن حرب ... وكنت وقد يئست من الدّخول

وقد يجاب عن ذلك كله إما بمنعه وحمل ما ورد منه على الضرورة، أو حذف الخبر. وإما بأن دخولها فى هذه المواطن حملا لها على الحالية، كما صرح به الأخفش، وإنما قال فى المعنى؛ لأن الحال ليست حكما فى اللفظ؛ لأن الحكم فى اللفظ إنما يكون بالمسند كالخبر من قولك: زيد قائم، والفعل من نحو: جاء زيد، غير أن الحال حكم فى

المعنى؛ لأن قولك: جاء زيد راكبا، فيه حكم بالركوب على زيد، لكن لا بالأصالة، بل استفادة هذا الحكم؛ لكونه جعل قيدا للفعل العامل فإنك إذا قلت: جاء زيد راكبا، حكمت بالركوب تبعا، وإذا قلت: زيد راكب، حكمت بالركوب استقلالا، وتحقيق ذلك أنك: إذا قلت: جاء زيد راكبا، تضمن هذا الكلام ثلاثة أشياء: مجئ زيد، وركوبه، واقتران ركوبه بمجيئه.

فالأول: مستفاد بالنص من قولك: جاء زيد، والحال قيدت ذلك المجئ بقيد، وأثبتت أن المجئ الذى أخبرت به مجئ مقيد لا مطلق؛ لأن المفهوم من قولك: ضربت زيدا، حكم بوقوع ضرب، وبأنه على زيد فكأنك قلت: المجئ المقارن للركوب حصل من زيد، والإخبار بالمقيد يدل على وقوع القيد التزاما لا يتوهم كونه تضمنا؛ لأن القيد جزء المخبر به، فإن القيد ليس جزء المخبر به، بل المخبر به شئ مقيد لا شيئان، أحدهما:

مطلق، والآخر: مقيد، فليس مدلولا عليه بالتضمن ولا بالمطابقة، بل من حيث إنه يلزم من وقوع المقيد وقوع القيد فكان الحكم بالمجئ من الراكب حكما بالركوب التزاما، فليتأمل.

والدليل الثانى: أشار إليه بقوله: (ووصف له كالنعت)، أى: الحال فى الحقيقة وصف لصاحبها فكما أن النعت لا يدخله الواو، كذلك الحال لا يدخلها الواو لأن قولك: جاء زيد راكبا، معناه: جاء زيد الراكب، فلو عطفت الراكب على زيد، لم يصح، فكذلك عطف الحال على صاحبها، الأصل أنه لا يجوز، قيل: إنما يأتى ذلك على رأى الجمهور، وأما الزمخشرى والمصنف - كما سيأتى - فيقولان: يجوز دخول الواو بين الصفة والموصوف.

<<  <  ج: ص:  >  >>