فقيل: على حذف المبتدأ، أى: وأنا أصكّ، وأنا أرهنهم.
وقيل: الأوّل شاذّ والثانى ضرورة.
وقال عبد القاهر: هى فيهما للعطف، والأصل: وصككت خ خ، ورهنت خ خ؛ عدل عن لفظ الماضى إلى المضارع؛ حكاية للحال.
ــ
واعلم أن هذه الرواية خلاف المشهور، والذى أنشده الجوهرى: وأرهنتهم مالكا، ونقل عن ثعلب أنه قال: الرواة كلهم على أرهنهم، على أنه يجوز رهنته وأرهنته إلا الأصمعى فإنه رواه: وأرهنهم واستحسنه ثعلب ذاهبا إلى أنه لا يقال: أرهنته، وإنما يقال: رهنته، وأنشده ابن سيده أيضا وأرهنهم فعلى الأول، قيل: على حذف المبتدأ التقدير: وأنا أصك وأنا أرهنهم فتكون الجملة اسمية.
وقيل: الأول: وهو أصك شاذ، والثانى: وهو أرهنهم ضرورة؛ لأن الضرورة تكون فى النظم لا فى النثر، وقال
عبد القاهر الجرجانى: ليست الجملة فى واحد منهما حالا؛ بل الواو للعطف أصله: قمت وصككت ونجوت ورهنت، وعدل إلى صيغة المضارع لحكاية الحال، وهذا جواب عن كونه وقع عطف المضارع على الماضى، وجعل ذلك كقوله:
ولقد أمر على اللئيم يسبنى ... فمضيت ثمت قلت لا يعنينى (١)
فإنه أتى فيه بالفعل الماضى بصيغة المضارع لقصد حكاية الحال الماضية إلا أن المضارع هنا معطوف عليه وهناك معطوف ويدل لذلك استعمال الفاء التى لا ترتبط بها الحال مكان الواو فى مثله، كقول عبد الله بن عتيك:" فأهويت نحو الصوت
(١) البيت لعميرة بن جابر الحنفى فى الدرر ١/ ٨٧، وشرح التصريح ٢/ ١١، وهو منسوب لشمر بن عمرو الحنفى فى الأصمعيات ص ١٢٦، ولعميرة بن جابر فى حماسة البحترى ص ١٧١، وخزانة الأدب ١/ ٣٥٧، ٣٥٨، ٣/ ٢٠١، ٤/ ٢٠٧، ٢٠٨، ٥/ ٢٣، ٥٠٣، ٧/ ١٩٧، ٩/ ١١٩، ٣٨٣، والخصائص ٢/ ٣٣٨، ٣/ ٣٣٠، وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٢١، ولسان العرب ١٢/ ٨١ (ثم)، ١٥/ ٢٩٦، (منى)، ودلائل الإعجاز ص ٢٠٦، والإشارات والتنبيهات ص ٤٠، والمفتاح ص ٩٩١، وشرح المرشدى ١/ ٦٢، والتبيان ١/ ١٦١ و" ثمت" حرف عطف لحقها" تاء" التأنيث، وقوله:" أمر" مضارع بمعنى الماضى لاستحضار الصورة، ورواية الكامل" فأجوز ثم أقول لا يعنينى"، والشاهد فى لام" اللئيم"؛ لأن المراد منه واحد غير معين.