للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كقراءة ابن ذكوان: فَاسْتَقِيما وَلا تَتَّبِعانِّ (١) بالتخفيف،

ــ

(قلت): إذا تأملت ما تقدم من الأمثلة اتجه لك المنع هنا ثم لو سلمنا ما تقدم تنزلا فنقول: قولك: إن الفعل المنفى ليس فيه دلالة على الحصول؛ لكونه منفيا مسلم ولكن المضارع المنفى ليس فيه حكم بانتفاء الحدث عن الحال، فإذا قلت: زيد لا يقوم فقد حكمت بانتفاء قيامه فى الحال فإذا قلت: جاء زيد لا يضرب عمرا فمعناه جاء زيد غير ضارب لعمرو وهو قد قرر أن الحال المفردة على الإطلاق تدل على الحصول والمقارنة، فقولك: جاء زيد غير ضارب، إن لم يكن دالا على الحصول فسدت قاعدته ووجب تخصيص قوله: إن الحال المفردة دالة على الحصول، وإن كان" جاء زيد غير ضارب" دالا على الحصول فليكن جاء زيد لا يضرب عمرا كذلك، ثم إن الحصول إذا لم يكن فى الفعل المنفى يلزم منه أن لا يكون الحصول فى الحال المفردة إذا كان عاملها منفيا، نحو: ما جاء زيد ضاربا؛ لأن صفة غير الحاصل غير حاصلة والتحقيق ما ذكرناه، ووجهه أن معناه:

يرجع إلى الكف عن الفعل كما تقول: المطلوب بالنهى فعل وهو الكف، فقولك: جاء زيد غير قائم، معناه: كافا عن

القيام، وكذلك: جاء زيد لا يقوم، ولو مشينا على إطلاقه لامتنع: جاء زيد فاقدا لكذا أو عادما له، ولا يمنع ذلك أحد.

وقولهم: العدم لا يتجدد، عنه أجوبة:

الأول: أن يجعل الحال مصروفا إلى الكف، كما سبق.

الثانى: أنه قد يقال: إن العدم فى كل وقت غير العدم فى الذى قبله.

الثالث: أن عدم الموجود يتجدد قطعا، كقولك: صار زيد لا يتكلم بعد أن كان متكلما، فقد أخبرت هنا بتجدد العدم حقيقة، والذى ذكره جمهور النحاة أن المضارع المنفى بلا هو كالمضارع المثبت، فلا تدخله الواو وإنما المصنف تبع المفصل، وقد استشهد المصنف لثبوت الواو بقوله تعالى: فَاسْتَقِيما وَلا تَتَّبِعانِّ بالتخفيف فإنها قراءة ابن ذكوان، وهى إحدى قراءتيه. وقيل: هو خبر فى معنى النهى، ولذلك استدل غيره بقوله تعالى:

وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ (٢) وقد تأولوا ذلك كله على ما تأولوا عليه الأبيات من تقدير مبتدأ فلا دلالة فيه حينئذ، وأنشد المصنف فى الإيضاح:


(١) سورة يونس: ٨٩.
(٢) سورة البقرة: ١١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>