للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما المنفىّ: فلدلالته على المقارنة دون الحصول:

أما الأول: فلأنّ (لمّا): للاستغراق، وغيرها (١): لانتفاء متقدّم مع أن الأصل استمراره، فيحصل به (٢) الدلالة عليها (٣) عند الإطلاق؛ بخلاف المثبت: فإنّ وضع الفعل على إفادة التجدد، وتحقيقه: أنّ استمرار العدم لا يفتقر إلى سبب، بخلاف استمرار الوجود.

وأما الثانى (٤): فلكونه منفيّا.

ــ

على أنا لا نسلم أنهم أرادوا ذلك، بل أرادوا موصوفا بذهاب سابق أو بمكث سابق، ولا يصح حمله على الماضى فى الجملة الشرطية نحو: جاء زيد إن أكرمته أكرمنى؛ لأنا إن جوزناه وجبت الواو، وأيضا فالذى يجعل حالا فى المعنى هو الارتباط لا مضمون الماضى لفظا.

(قوله وأما المنفى) دخل فيه الماضى لفظا ومعنى وهو منفى، مثل: جاء زيد ما ضرب عمرا، ودخل فيه الماضى معنى فقط، وهو الذى مثل له بنحو وَلَمْ يَمْسَسْنِي * ويرد عليه أيضا الماضى لفظا فقط وحاصل ما ذكره أن ما قرره من كون المنفى ليس فيه حصول، والماضى ليس فيه حال يقتضى وجوب الواو فى الماضى المنفى لانتفاء المعنيين؛ لأنه لم يشابه الحال المفردة فى واحد من معنييها بخلاف المثبت فإنه يشابهها فى الحصول فاستحق عدم الواو، ولم يشابهها فى الدلالة على المقارنة فاستحق الواو بخلاف المضارع المنفى فإنه شابهها فى المقارنة، ولم يشابهها فى الدلالة على الحصول؛ فجاز الأمران فيه أما الماضى المنفى فقد بعد كل البعد عن الحال المفردة، فينبغى أن تجب الواو لكنه لم يجب فيه ذلك، بل كان مثله، أما المنفى بلما فلأنها لاستغراق الأزمنة؛ لأنها تدل على

اتصال نفيها بالحال، وأما المنفى بغيرها كقولك: جاء زيد ولم يضرب عمرا، وقولك: وما ضرب عمرا؛ فلأنه وإن دل على الانتفاء فى زمن متقدم فالأصل استمرار ذلك الانتفاء فصار كالدال على الانتفاء المتصل مثل" لما" فحصلت فى كل من الثلاثة الدلالة على المقارنة فصار كالمضارع المنفى. قال: (وأما الثانى) أى: وأما أنه لا يدل على الحصول (فلكونه منفيا) كما تقدم تقريره فى المضارع المنفى.


(١) أى: غير (لما) مثل (لم وما).
(٢) أى: بالنفى المستمر.
(٣) أى: على المقارنة.
(٤) أى: عدم دلالته على الحصول.

<<  <  ج: ص:  >  >>