للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نحو [من الطويل]:

خرجت مع البازى علىّ سواد

ــ

للاتصال فلا يصلح الضمير حينئذ أن يستقل بإفادة الربط فتجب الواو، ثم نقل عنه أيضا تفصيلا آخر وهو أنك إذا قلت: جاء زيد على كتفه سيف، على أن يكون: على كتفه سيف حالا، كثر فيه ترك الواو. يعنى إذا كان الخبر ظرفا مقدما، كقول بشار:

خرجت مع البازى على سواد (١) ... إذا أنكرتنى بلدة أو نكرتها

يعنى إذا أنكرنى أهل بلدة، خرجت مع الصبح على بقية من الليل، والبازى الصبح كذا قالوه، وقد يقال: كيف يجتمع أن يكون خرج مع الصبح عليه بقية من الليل؟

والليل ينقضى بطلوع الصبح، إلا عند من يقول: الليل إلى الشمس، وكذا قوله:

فى رأس غمدان دارا منك محلالا (٢) ... واشرب هنيئا عليك التاج مرتفعا

وغمدان: قصر باليمن على وزن غفران، هو مبنى على أربعة أوجه: أحمر، وأخضر، وأبيض، وأصفر. وداخله قصر على سبعة سقوف، بين كل سقفين أربعون ذراعا، ويرى ظله، إذا طلعت عليه الشمس من ثلاثة أميال. والمحلال: بمعنى المنزل صيغة مبالغة.

واعلم أن الزمخشرى وعبد القاهر لما رأيا حذف الواو كثيرا، فى نحو: جاء زيد على كتفه سيف، أخرجاه عن كونه جملة اسمية حالية. أما الزمخشرى؛ فلأنه يرى وجوب الواو فى مثله، وأن تركه قبيح.

وأما الجرجانى؛ فلأنه يرى أنهما سيان، أو الذكر أكثر. فلو كانت اسمية، لاستوى فى نحوه ترك الواو واستعمالها؛ فلذلك جعلا التقدير: مستقرا على كتفه سيف.

وسيف: فاعلا به، وعمل لاعتماده على ما قبله. واختار أن يكون الظرف هنا فى تقدير اسم الفاعل، وإن كان فى غيره، يقدره بالفعل كما أفهمه من قوله فى الإيضاح


(١) أورده محمد بن على الجرجانى فى الإشارات ص ١٣٦، والبيت من قصيدة قالها خالد بن جبلة الباهلى، مطلعها:
أخالد لم أخبط إليك بنعمة ... سوى أننى عاف وأنت جواد
ديوانه ٣/ ٤٩، والدلائل ص ١٥٧، والتبيان ص ١٢٠.
(٢) البيت من البسيط، وهو لأمية بن أبى الصلت الثقفى، وقيل: بل هو للنابغة الجعدى وهذا خطأ، انظر الأغانى (١٧/ ٣٠١، ٣٠٢)، ويروى:" مرتفقا" بدلا من" مرتفعا".

<<  <  ج: ص:  >  >>