للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويحسن الترك: تارة لدخول حرف على المبتدأ؛ كقوله [من الطويل]:

فقلت: عسى أن تبصرينى كأنما ... بنىّ حوالىّ الأسود الحوارد

ــ

هنا خاصة. وإنما اختار تقديره هنا باسم الفاعل؛ لأن فيه رجوع الحال إلى أصلها من الإفراد؛ فلذلك كثر مجيئها بغير واو.

(قلت): وإذا علمت ذلك، علمت أن ما أوهمه كلام المصنف من أن الجرجانى يفصل فى الجملة الاسمية غير صحيح؛ لأن هذا القسم عنده ليس بجملة، فليس قسمان من الجملة الاسمية. وجوز الجرجانى أن يكون فى تقدير فعل ماض مع قد أى: استقر على كتفه سيف لأنه جاء بالواو قليلا، كذا قال المصنف (قلت): الفعل الماضى بقد لا يقل فيه وجود الواو فكيف يجعل قلة مجئ الواو ملحقة بالفعل الماضى المثبت فكأن المصنف قصد التعليل بورودها بالواو وغفل عن قيد القلة، ثم يرد عليه أيضا أن هذا ليس تقسيما للجملة الاسمية بل يجعلها فعلية لا اسمية ومنع عبد القاهر تقديرها بفعل مضارع لأنه لا يستعمل الواو فى المضارع المثبت أن لو صرح به فالمقدر كذلك. (قلت):

ونحن إذا قلنا: زيد فى الدار، إنما نقدره ماضيا لا مضارعا: ما لم يدل على المضارع دليل من ضرب مستقبل، أو غيره. فلا حاجة إلى تعليل منع هذا. وقد ذهب كثيرون إلى أن الجملة فى نحو ما نحن فيه اسمية حالية.

ص: (ويحسن الترك تارة إلى آخره).

(ش): هذا من جملة المنقول عن عبد القاهر، يريد أن الجملة الاسمية وإن حسن فيها إتيان الواو، فقد يحسن تركها لعارض يعرض.

فمن ذلك: أن يدخل حرف غير الواو على المبتدأ، كقوله:

فقلت: عسى أن تبصرينى كأنما ... بنى حوالىّ الأسود الحوارد (١)

فدخول" كأنما" على" بنى" وهو مبتدأ، أوجب لها استحسان ترك الواو؛ لكيلا يتوارد على الجملة حرفان.


(١) البيت من الطويل، وهو للفرزدق فى ديوانه ١/ ٣٤٦، وفيه:" اللوابد" مكان" الحوارد"، ومجمل اللغة ٢/ ٥٦، وأساس البلاغة (حرد)، والحيوان ٣/ ٩٧، ومعاهد التنصيص ١/ ٣٠٤، وبلا نسبة فى جمهرة اللغة ص ٥٠١، ومقاييس اللغة ٢/ ٥٢، ورواية صدره:
لعلك يوما أن ترينى كأنما ...

<<  <  ج: ص:  >  >>