وقد تقدم الكلام عليه أول الكتاب. والتأكيد اللفظى فيه تكرار، وهو بليغ؛ ولذلك قال الرمانى: فيه تكرير غيره أبلغ منه، ومتى كان التكرير كذلك، فهو مقصر عن أقصى طبقة البلاغة
السادس: استغناؤه عن تقدير محذوف بخلاف قولهم: فإن فيه حذف من التى بعد أفعل التفضيل وما بعدها، وحذف قصاصا مع القتل الأول، وظلما مع القتل الثانى. وقد يمنع أنهما محذوفان؛ بل مرادان بالقتل من غير حذف. وقد تقدم منع عدم الحذف فى الآية الكريمة. والصواب أن يقال: لاستغنائه عما ذكره أكثر من حذفه، وهو من بعد أفعل التفضيل الواقع خبرا، بخلاف المحذوفين فى الآية الكريمة، فإن حذفهما أكثر أو مطرد حتى قيل: إنه لا حذف. وكذلك حذف المضاف فى غاية الكثرة.
السابع: أن فى الآية الكريمة طباقا، فإن القصاص ضد الحياة. (قلت): القصاص سبب للموت الذى هو ضد الحياة فهو ملحق بالطباق كما سيأتى. وزاد المصنف فى الإيضاح وجها آخر وهو هذا.
الثامن: جعل القصاص كالمنبع والمعدن للحياة بإدخال (فى) عليه.
وزاد غيره، فقال:
التاسع: أن فى كلامهم توالى أسباب كثيرة خفيفة، وقد تقدم أن ذلك مستكره.
العاشر: أنه كالتناقض من حيث الظاهر؛ لأن الشئ لا ينفى نفسه.
الحادى عشر: أنه لا يستقيم لو أجرى على ظاهره؛ لأن ظاهره أن كل واحد من أفراد القتل، أو جنس القتل، ينفى القتل. وليس كذلك، بل المراد أن القتل قصاصا، ينفى القتل ظلما. (قلت): وهذان متقاربان، وهما يرجعان إلى الرابع، فالأحسن أن يعبر عنهما بأن يقال: الاسم قد تقرر أنه إذا تكرر مرتين، وهو فيهما معرفة فالثانى هو الأول. وهنا يلزم خلاف القاعدة فإن الثانى غير الأول.