للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإما جملة مسبّبة عن مذكور؛ نحو: لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْباطِلَ (١) أى: فعل ما فعل، أو سبب لمذكور؛ نحو: فَانْفَجَرَتْ (٢) إن قدّر: فضربه بها خ خ، ويجوز أن يقدّر:

فإن ضربت بها فقد انفجرت خ خ،

ــ

فهذا يقتضى أنك إذا قلت: زيد أفضل، فقد قطع عن متعلقه قصدا لنفس الزيادة، كقولك: فلان يعطى ويمنع، فيكون كالفعل المتعدى إذا جعل قاصرا للمبالغة، فعلى هذا لا يكون ذلك إيجاز حذف، بل يكون إيجاز قصر. ويحتمل أن يريد أن تقديره: زيد أفضل من كل أحد. فالمبالغة فى تعميم المفضل عليه، فيكون حينئذ إيجاز حذف، كأحد تقديرى فلان يعطى ويمنع.

ص: (وإما جملة إلى آخره).

(ش): أى قد يكون الإيجاز بحذف جملة مسببة عن مذكور، كقوله تعالى: لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْباطِلَ أى فعل ما فعل، ويصح أن يقال فى مثله أيضا: إنها جملة سبب لمذكور، لأن الفعل سبب لحقية الحق وبطلان الباطل، وكل علة غائية يصح أن يقال عليها اسم السبب واسم المسبب؛ لأنها علة فى الأذهان معلول فى الأعيان، أو تكون الجملة سببا

لمذكور، نحو: فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ قال المصنف: إن قدر فضربه بها فانفجرت، وطوى ذكر فضرب، هذا إشارة لسرعة الامتثال حتى إن أثره وهو الانفجار لم يتأخر عن الأمر، ثم قيل: فضرب كله محذوف. وقال ابن عصفور: حذف ضرب، وفاء فانفجرت، والفاء الباقية: فاء فضرب؛ ليكون على المحذوف دليل ببقاء بعضه.

قال الشيخ أبو حيان: وفيه تكلف.

(قلت): لكنه أقرب إلى اللطيفة التى ذكرناها فى الحذف.

(قوله: ويجوز أن يقدر: فإن ضربت بها فقد انفجرت) هو تقدير جوزه الزمخشرى هنا، وفى قوله تعالى: فَتابَ عَلَيْكُمْ (٣) وأمثاله، وفيه نظر من وجوه:

الأول - أن حذف أداة الشرط وفعله معا فى جوازه نظر، وقد تقدم الكلام عليه، حيث ذكره المصنف فى باب الإنشاء.

الثانى - أنه يلزم أن يكون جواب الشرط ماضيا لفظا ومعنى؛ لأن فقد انفجرت ماض لفظا ومعنى لأجل الفاء وقد، ولأجل قوله تعالى قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ


(١) سورة الأنفال: ٨.
(٢) سورة البقرة: ٦٠.
(٣) سورة المزمل: ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>