للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مَشْرَبَهُمْ (١) وجواب الشرط لا يجوز أن يكون ماضى المعنى. ومن ذهب إلى جواز كون الجواب ماضى المعنى إنما هو حيث كان المعنى يلجئ إليه، والمعنى هنا على الاستقبال، لأن الانفجار يترتب على الضرب المستقبل بأداة الشرط.

وأما قول ابن مالك: إن فعل الجزاء قد يكون ماضى المعنى، مع كون فعل الشرط مستقبل المعنى، فقد تقدم أن ذلك مما لا يتعقل، إلا أن يريد أن الجواب محذوف، ويكون سمى المذكور جوابا مجازا لسده مسد الجواب. ثم إن الزمخشرى أورد هذا السؤال بعينه فى قوله تعالى: وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ (٢) وقال:

من حق الجزاء أن يتعقب الشرط، وهذا سابق. وأجاب بأن التقدير: وإن يكذبوك فتأس، فوضع: فقد كذبت، موضع: فتأس، استغناء بالسبب عن المسبب - أعنى بالتكذيب عن التأسى - وهذه العبارة منه يحتمل أن يريد بها أن الجواب محذوف، وفيه نظر؛ لأن الجواب لا يحذف إذا كان فعل الشرط مضارعا. ويحتمل أن يريد أن: فقد كذبت ضمن

معنى تأس. وفيه نظر؛ لأن الفعل الماضى لا يستعمل فى الإنشاء إذا كان معه" قد" على ما يظهر لنا.

وعلى كل من التقديرين؛ لا يصح ذلك فى: فانفجرت؛ لأنه إن أراد أن الجواب محذوف، صار التقدير: إن ضربت فقد انفجرت. وهذا يمجه الطبع السليم؛ لأنه تقدير ما لا داعى إليه، ولا دليل عليه، وفيه حذف جملتى الشرط والجواب، وتكلف ما لا حاجة إليه. وإن أراد أنه حذف الشرط والفاء وقد، وبقى: فانفجرت.

وهذا الجواب لزم أن يكون الجواب ماضى المعنى، فإن قال: إن فقد انفجرت قام مقام: انفجرت، وضمن معناه، فليت شعرى كيف يجعل: انفجرت فى تقدير:

فقد انفجرت، ثم يضمن: قد انفجرت معنى: انفجرت الماضى لفظا، والمستقبل معنى؟! ونحن إذا وجدنا قد الصارفة للمضى، نحتاج أن نتكلف لها، وكيف نقدرها ثم نحتاج إلى الاعتذار عنها؟ فهذا كلام عجيب، إلا أن يكون الزمخشرى أراد تفسير معنى، لا تفسير صناعة، ويكون غير مريد لتقدير قد فيصح كلامه حينئذ.


(١) سورة البقرة: ٦٠.
(٢) سورة فاطر: ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>