للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإما بالتكرير لنكتة؛ كتأكيد الإنذار فى: كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (١)، وفى ثمّ دلالة على أن الإنذار الثانى أبلغ.

ــ

إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ (٢) فإن الأمر بالمعروف خاص بالنسبة إلى الدعاء إلى الخير. وفيه نظر؛ لأنه من ذكر الأخص الذى هو الجزء الإضافى بعد الأعم، الذى هو الكلى، لا من ذكر الخاص الذى هو فرد بعد العام الذى هو متعدد، وقد قدمنا ذلك فى شرح خطبة الكتاب.

ص: (وإما بالتكرير إلى آخره).

(ش): من أسباب الإطناب إرادة التكرير لنكتة أى: فائدة، وتلك الفائدة إما تأكيد الإنذار، كقوله سبحانه وتعالى: كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ وفى ثم تنبيه على أن الإنذار الثانى أبلغ من الأول، كذا قاله الزمخشرى. وسره أن فيها تنبيها على أن ذلك تكرر مرة بعد أخرى، وإن تراخى الزمان بينهما، ومن شأن ذلك أنه لا يكون إلا فى شئ لا يقبل أن يتطرق عليه تغيير، بل هو مستمر على تراخى الزمان.

وذكر الإنذار هنا بحسب المثال وإلا فتأكيد كل شئ كذلك، كقوله سبحانه وتعالى:

وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ (٣) وقد قدمنا فى باب الفصل والوصل تحقيقا فى هذا المكان، وهل هذا إنذار مؤكد أو إنذاران، لا بأس بمراجعته. زاد فى الإيضاح أن التكرير قد يكون لزيادة التنبيه على ما ينفى التهمة؛ ليكمل تلقى الكلام بالقبول، ومنه قوله تعالى: وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ (٤) فإنه تكرر فيه النداء قال: وقد يكون لطول فى الكلام، كقوله تعالى: ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (٥)، ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا (٦) الآية. وقد يكون لتعدد المتعلق كما فى قوله سبحانه وتعالى: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧) فإنها وإن تعددت فكل واحد منها يتعلق بما قبله، وإن كان قيل: إن بعضها ليس بنعمة فليس من الآلاء. وجوابه: أن الزجر


(١) سورة التكاثر: ٣ - ٤.
(٢) سورة آل عمران: ١٠٤.
(٣) سورة الانفطار: ١٧، ١٨.
(٤) سورة غافر: ٣٨، ٣٩.
(٥) سورة النحل: ١١٩.
(٦) سورة النحل: ١١٠.
(٧) سورة الرحمن: ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>