للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإما بالإيغال؛ فقيل: هو ختم البيت بما يفيد نكتة يتمّ المعنى بدونها؛ كزيادة المبالغة فى قولها [من البسيط]:

وإنّ صخرا لتأتمّ الهداة به ... كأنّه علم فى رأسه نار

ــ

والتحذير نعمة. وبما ذكرناه تعلم الحكمة فى كونها زادت عن ثلاثة، ولو كان عائدا لشئ واحد، لما زاد على ثلاثة، لأن التأكيد لا يبلغ أكثر من ثلاثة، كذا قال ابن عبد السّلام وغيره.

فإن قلت: إذا كان المراد بكل ما قبله فليس ذلك بإطناب، بل هى ألفاظ كل أريد به غير ما أريد بالآخر.

(قلت): إذا قلنا: العبرة بعموم اللفظ، فكل واحد أريد به ما أريد بالآخر، ولكن كرر ليكون نصا فيما يليه، وظاهرا فى غيره. فإن قلت: يلزم التأكيد. قلت: والأمر كذلك، ولا يرد عليه أن التأكيد لا يزاد به على ثلاثة؛ لأن ذلك فى التأكيد الذى هو تابع، أما ذكر الشئ فى مقامات متعددة أكثر من ثلاثة فلا يمتنع.

ص: (وإما الإيغال).

(ش): أى: يقع الإطناب بالإيغال من أوغل إذا أمعن. واختلف فيه، فقيل: هو ختم البيت بما يفيد نكتة يتم المعنى بدونها، كزيادة المبالغة فى قول الخنساء:

وإنّ صخرا لتأتم الهداة به ... كأنّه علم فى رأسه نار (١)

فإنها لم ترض أن تشبهه بالعلم الذى هو الجبل الذى يأتم الهداة به، حتى جعلت فى رأسه نارا.

(قلت): وفيه نظر؛ لأن الإطناب: تأدية المراد بزيادة لفظ، والمراد من التشبيه بعلم فوقه نار، غير المراد من التشبيه بالعلم فقط، فلم يحصل بقولها: فوقه نار إطناب. ولو كان هذا إطنابا لكان ذكر الصفة المخرجة فى قولك: أكرم رجلا عالما إطنابا، إلا أن يقال: لم يرد إلا مطلق الهداية، وفيه بعد. وهذا قريب مما سبق فى قول المتنبى:

ولا خير فيها للشجاعة والندى (٢)


(١) البيت من البسيط، وهو للخنساء فى ديوانها ص ٣٨٦، وجمهرة اللغة ص ٩٤٨، وتاج العروس ١٠/ ٢٩٢ (صخر)، ومقاييس اللغة ٤/ ١٠٩.
(٢) البيت من الطويل وهو لأبى الطيب المتنبى فى شرح ديوانه (٢/ ٧٣) الكتب العلمية، وأورده محمد بن على الجرجانى فى الإشارات ص ٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>