للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أى: كالسيف السّريجى فى الدقة والاستواء، أو كالسراج فى البريق واللمعان ...

ــ

(قوله: أى كالسيف السريجى فى الدقة والاستواء، أو كالسراج فى البريق) يشير إلى أنه لم يعلم ما أراد بقوله: مسرجا حتى اختلف فى تخريجه فقيل من قولهم للسيوف سريجية، أى منسوبة إلى قين يقال له سريج، يريد أنه فى الاستواء والدقة كالسيف السريجى، قاله ابن دريد، غير أنه يوهم أن البيت فى مذكر، وإنما هو فى مؤنث بدليل أيام أبدت، وقيل من السراج يريد فى البريق، من قولهم: سرج الله وجهه أى حسنه قاله ابن سيده. فإن قلت: لا يصح أنه كالسراج فى البريق، لأن اسم الذات لا نشتق منه أسماء الفاعلين أو المفعولين، ثم البيت ليس فيه أداة تشبيه. قلت: أما جعله تشبيها من غير أداة التشبيه، فالمراد تشبيه فى المعنى، أو تشبيه محذوف الأداة، كما ستراه منقولا عن جماعة فى قوله:

فأمطرت لؤلؤا من نرجس، وسقت ... وردا، وعضّت على العنّاب بالبرد (١)

إلا أن المصنف لا يراه فيصح له الجواب الأول، فلعله أطلق المسرج، وهو للسيف على المرسن لمشابهته له، ولا مانع من تسمية السيف السريجى مسرجا من التسريج، وهو التحسين بحيث صار يشبه السراج. فقوله: كالسراج فى البريق، تفسير معنى ألا ترى إلى قوله فى الإيضاح: وهذا يقرب من قولهم: سرج وجهه، وسرج الله وجهه وفيما قاله نظر؛ لأنه تقدير ثالث من غير مراعاة السراج، إلا أن يقال: إنه يقرب منه من حيث المعنى وعبارة المحكم أى كالسراج، وقولهم: سرج الله وجهه.

والمرسن (بفتح الميم مع فتح السين وكسرها) حكاهما ابن سيده، وقال الجوهرى: إنه بكسر الميم وهو وهم. واعلم أن السكاكى ذكر المرسن فى باب المجاز، وذكر ما لا يوافق عليه، وسيأتى فى موضعه إن شاء الله تعالى. واعلم أن المصنف فسر الغرابة فى الإيضاح بما ذكره وفيه نظر؛ لأن هذا غرابة معنى لا غرابة كلمة، وفسرها أيضا بكون الكلمة لا يعرف معناها إلا بالبحث فى كتب اللغة المبسوطة، وهذا النوع من الغرابة أخف من الذى قبله، فكان ينبغى للمصنف أن يذكره ليستدل به على أشد منه، كما فعل فى التنافر، وقد مثل فى الإيضاح هذا بما روى عن عيسى بن عمر النحوى


(١) البيت من البسيط، للوأواء الدمشقى فى دلائل الإعجاز ص ٤٤٦، وعزاه الشيخ محمود شاكر إلى ديوانه، وشرح عقود الجمان، ٢/ ٢٥، والمصباح ص ١٢٠، ١٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>