ومنها: أن تطبيق الكلام على مقتضى الحال كالمادة، وهذه الطرق كالصورة، والمادة ليست جزءا للصورة.
ومنها: أن ما سنذكر من الصور فيه تأكيد للتطبيق على مقتضى الحال، فليكن هذا العلم منزلا من ذلك منزلة التأكيد من التأسيس، لا منزلة الكل من الجزء.
ومنها: أن المعنى الواحد إن أريد به أصل المعنى فهو حاصل فى قولك: جاء زيد، سواء أكان إنكاريا، أو ابتدائيا، أو طلبيا. وإن أريد المعنى الذى يقتضيه المقام، فقد يقال: إن علم البيان يعرف به تطبيق الكلام على مقتضى الحال، وإن علم المعانى يقصد به إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة.
أما الأول: فلأن ما بين قولك: زيد قائم، وإن زيدا قائم، وإن زيدا لقائم من التفاوت يضاهى ما بين قولك: زيد كالأسد، وزيد أسد، والأسد زيد من التفاوت.
والمعنى فى كل منها متفاوت؛ بسبب التأكيد. فكما اختلف حال المنكر وغيره فى التأكيد بإن واللام، اختلف حاله مع غيره فى هذه الطرق المذكورة فى البيان.
وأما الثانى: فلأن غالب علم المعانى، يعلم به إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة فى وضوح الدلالة فإن المجاز الإسنادى أوضح فى الدلالة من الحقيقة الإسنادية، فإن: عيشة راضية، أدل على رضا صاحبها من قولك: راض صاحبها، كما أن:
زيد أسد، أدل من قولك: زيد كالأسد. وكذلك كل واحد من مقتضيات ما يتعلق بالمسند، أو المسند إليه من حذف، وذكر، وتقديم، وتأخير، وإتباع وغيره مما يطول ذكره. وكذلك الإيجاز، والإطناب، والمساواة إنما هى طرق مختلفة فى وضوح الدلالة. ولا شك أن الطرق البيانية مختلفة بالمبالغة وعدمها. فربما حصلت المبالغة بالإيجاز دون الإطناب، الذى هو أوضح.
الخامس: قال السكاكى: فلما كان علم البيان شعبة من علم المعانى لا ينفصل عنه إلا بزيادة اعتبار كان كالمركب، وعلم المعانى كالمفرد. ثم إن بعضهم قال: معناه أن علم