للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمراد - ههنا - (١) ما لم تكن على وجه الاستعارة التحقيقية، والاستعارة بالكناية، والتجريد؛

ــ

المشبه، والمشبه به، والأداة، والوجه، وكل هذه ليست شيئا من كون المتكلم دل على المشاركة، فلا يبقى إلا أن التشبيه: الدلالة الحاصلة من اللفظ، وفيه تعسف. ويكون اللفظ سمى تشبيها مجازا فإن التشبيه بالحقيقة فعل المتكلم، وقوله: (فى معنى) يريد:

فى مدلول؛ لأنه فى محل العناية، لا ما يقابل الجوهر ثم يقال عليه: إن التشبيه الذى هو أصل الجميع التشبيه المعنوى الشامل للاستعارة، وغيرها، وقد قدم التشبيه الأخص وهو ذو الأداة لفظا، أو معنى، وجوابه أن التشبيه المعنوى، كالفرع عن التشبيه بالأداة؛ فإنها مرادة فيه فى المعنى، لا اللفظ.

(وقوله: والمراد هاهنا ما لم تكن على وجه الاستعارة، والاستعارة بالكناية؛ والتجريد).

هذا كالفصل المخرج لما دل على المشاركة، وليس هو المراد هنا، فالاستعارة وإن دلت على المشاركة، وفيها

التشبيه المعنوى، فليست تشبيها لفظيا، فليس مرادا هنا.

والاستعارة بالكناية ليست تشبيها، أما عند السكاكى، فلأنها عنده استعارة فتشبيهها معنوى، وأما عند المصنف؛ فلأنها وإن كانت تشبيها إلا أنه لما غلب عليها اسم الاستعارة، قصد تأخير الكلام فيها، وذكرها مع الاستعارة. وأما التجريد؛ فلأنه ليس تشبيها على ما سيأتى؛ فلذلك أخره إلى علم البديع.

وقوله: (على وجه الاستعارة) أطلقه هنا، وقيده فى الإيضاح بالتحقيقية، واحترز عن التخييلية؛ فإنها لا تدخل التشبيه على رأيه؛ لأن التشبيه الدال على المشاركة، إنما هو الاستعارة بالكناية التى هى قرينة التخييلية، وأما التخييلية فليس فيها إلا ذكر لازم المشبه به، فالمشاركة بين المشبه والمشبه به، لا بين لازم المشبه به وشئ. غير أنه ذكر فى التخييلية لازم المشبه به، تقوية للتشبيه الحاصل فى المكنية، وبهذا التقرير يعلم أنه لا حاجة لتقييدها بالتحقيقية؛ لأنها خرجت بقوله: مشاركة، وأما تقييده فى الإيضاح فلعله لاحتمال أن يتوهم دخولها باعتبار أنها تدل على إثبات مثل لازم المشبه به للمشبه، وحاصله أن الاستعارة التخييلية، لا تدخل فى كلامه. أما فى الإيضاح فقوله: التحقيقية، وأما فى التخلص فلعدم المشاركة، أو لدخولها فى إطلاق الاستعارة، أو


(١) أى بالتشبيه المصطلح عليه فى علم البيان.

<<  <  ج: ص:  >  >>