للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فدخل نحو: زيد أسد وقوله تعالى: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ (١)

ــ

لاستغنائه عن ذكرها بذكر قرينتها وهى المكنية؛ لأن التخييلية عنده لا توجد دون المكنية. وأورد الخطيبى عليه أن كلامه يقتضى أن الثلاثة ليست تشبيها وهى تشبيه.

والذى قاله لا يرد، لأن المراد التشبيه الاصطلاحى، وليست التحقيقية والتجريد تشبيها عنده، كما سيأتى. وأما المكنية، فهى وإن كانت تشبيها، فكلامه لا يقتضى أنها غير تشبيه، بل أنها تشبيه لم يرد الآن الكلام فيه، وقد حصل بمجموع ما ذكره رسم يحصل به تعريف التشبيه المراد هنا، وأورد على هذا الحد، قولك: قام زيد وعمرو، واشترك زيد وعمرو، وكذلك ترافقا، وتصاحبا، واجتمعا، وأكلا، وكذلك جميع أفعال المفاعلة فكل ذلك دال على المشاركة. وكذلك: زيد أفضل من عمرو، وكذلك: تشابه زيد وعمرو فإنه تشابه (٢) لا تشبيه وأورد المجاز، فإنك إذا قلت: رأيت أسدا، فقد دللت على مشاركته للأسد المفترس فى الشجاعة؛ إذ لا فرق بين قولك: رأيت شخصا مثل الأسد، ورأيت أسدا فى الدلالة على المشاركة على ما سنذكره - إن شاء الله تعالى - وهذا لا يرد، فإن المصنف قد قال: المراد ما لم يكن على وجه الاستعارة، والاستعارة مجاز، فقد صرح بإخراجه.

ص: (فدخل فيه نحو قولنا: زيد أسد، وقوله تعالى: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ).

(ش): أى دخل فى الحد قولنا: زيد كالأسد، فإنه تشبيه بلا خلاف، ودخل نحو قولنا: كالأسد، بحذف زيد؛ لدلالة قرينة عليه، ودخل فيه ما يسمى تشبيها على المختار، على ما سنذكره - إن شاء الله تعالى - وهو ما حذفت فيه أداة التشبيه، وكان المشبه به خبرا، أو فى حكم الخبر، كقولنا: زيد أسد، وقوله تعالى: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ وقول عمران بن حطان يخاطب الحجاج:

أسد علىّ، وفى الحروب نعامة ... فتخاء تنفر من صفير الصّافر

ولنا فى ذلك نزاع سنذكره - إن شاء الله تعالى - وأطلق المصنف: المشاركة، وشرط بعضهم أن يكون الاشتراك فى صفة ظاهرة. وقيل: فى أخص صفات النفس، وفيه نظر؛ إذ لا مانع من التشبيه فى صفة خفية، لكن إذا كانت خفية، يشترط فى


(١) سورة البقرة: ١٨.
(٢) قوله فإنه تشابه إلخ كذا فى الأصل ويظهر أن فى هذا سقطا فتأمل كتبه مصححه.

<<  <  ج: ص:  >  >>