للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قول الزمخشرى فى قوله تعالى: نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ (١) ما نصه: وهذا مجاز، شبههن بالمحارث. فقوله: (مجاز) صريح فى أنه استعارة، ولا يعكر عليه قوله: شبههن بالمحارث، فإن فى كل استعارة تشبيها معنويا. وكذلك قال جماعة فى قوله تعالى:

هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ (٢) ثم إن الزمخشرى قال فى قوله تعالى: أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً (٣) ما نصه: والحصور من لا يدخل فى الميسر، قال الأخطل:

وشارب مربح بالكاس نادمنى ... لا بالحصور ولا فيها بسآر

استعير الحصور لمن لا يدخل فى اللعب، فإما أن يريد أن الحصور فى الآية استعارة، فقد جعل الحال استعارة، أو يريد أن الحصور فى البيت استعارة، فقد جعل خبر المبتدأ استعارة، وهو يرى أن: زيد أسد، تشبيه وممن جزم بأن قولنا: زيد أسد، استعارة - التنوخى فى الأقصى القريب، وقال ابن رشيق فى العمدة: إن حية فى قول ذى الرمة (٤):

فلمّا رأيت الليل والشّمس حيّة ... حياة الّذى يقضى حشاشة نازع

استعارة، وظاهر كلامه نسبة ذلك إلى ابن المعتز، إلا أنه قد يقال: لا دليل فيه لما يقول لما سيأتى. وهذه أمور نقلية من كلامهم تنقض أصلهم. ومما ينقض قولهم قول السكاكى، والمصنف، وغيرهما بعد ورقتين: إن من الاستعارة قولهم:

تحية بينهم ضرب وجيع

وقولهم: عتابك السيف، وبما اخترناه من أن: زيد أسد، يصح أن يقع استعارة.

صرح عبد اللطيف البغدادى، فقال فى قوانين البلاغة: التشبيه مصرح بحرفه، والاستعارة أن يطلق على المشبه

اسم المشبه به من غير تصريح بأداة التشبيه، يقال: زيد أسد، وبحر، وغيث، أو زيد أسد فى شجاعته ومما ينقض أصلهم هذا من جهة المعنى أنا نجد اللفظ فى كثير من التراكيب لا يصلح للحقيقة، ويسمونه استعارة، لا يكادون


(١) سورة البقرة: ٢٢٣.
(٢) سورة البقرة: ١٨٧.
(٣) سورة آل عمران: ٣٩.
(٤) البيت فى ديوانه ص ١٦٧ ورواية الديوان" رأين" وهى الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>