للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولعل ابن رشيق إنما جعله استعارة لهذا المعنى.

(تنبيه): أطلق المصنف أن طرفى التشبيه إذا كانا مذكورين، فهو تشبيه لا استعارة، إذا كان المشبه به خبرا. فدخل فى ذلك ما إذا وقعا خبرا عن مفرد، كقولك:

زيد هو أسد، وما إذا لم يكن، كقولك: زيد أسد، والذى يظهر أنه لا فرق، لكن فى المفتاح وإنما عد نحو: زيد أسد تشبيها؛ لأنك حين أوقعت أسدا وهو مفرد غير جملة خبرا لزيد، استدعى أن لا يكون إياه إلى آخره. فظاهر هذه العبارة توهم أن المشبه به قد يكون جملة، وأنه متى كان جملة لا يكون تشبيها؛ لكن الظاهر أنه لا يريد ذلك، وكيف يتصور أن يريده ولفظ أسد يستحيل أن يقع جملة؟ لأنك إذا أخبرت به وبمبتدئه عن زيد، فالجملة مجموع الكلمتين لا الأسد، فلم يقع المشبه به خبرا للمبتدأ الذى هو زيد، وتقدير أداة التشبيه قيل: هو أسد، لا يحسن؛ لأن هو من هو أسد، ليس مشبها به، بل مشبه إلا بقصد قلب التشبيه.

ولو كانت الاستعارة التمثيلية لا تكون إلا بجملة؛ لكنت أقول: احترز عن: زيد يقدم رجلا ويؤخر أخرى، فإن المشبه به وقع خبرا، وليس تشبيها كما تقدم، وسيأتى ولكنه ليس بهذا القيد؛ لأن من التمثيل وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كما ذكرناه، وإنما يريد أن الخبر إذا كان جملة لم يستدع إيقاع الجملة خبرا أن لا يكون هو إياها، بل المطلوب تعلق أحدهما بالآخر فقوله: حين أوقعت أسدا وهو مفرد غير جملة، قيد لكون الأسد هو زيد، لا أنه قيد يخرج زيد هو أسد عن أن يكون أسد تشبيها. ثم قيل: فى كلام السكاكى نظر، فإن الحمل بين المبتدأ والخبر، يستدعى أن يكون أحدهما هو الآخر، مفردا كان الكلام، أم جملة.

(قلت): الخبر إذا كان مفردا، كقولك: زيد قائم، فالقائم هو زيد بلا شك، وإذا كان جملة كقولك: زيد هو القائم، فالمحكوم به ليس القيام، بل مضمون الجملة، وهو ثبوت القيام لزيد، أو الحكم به على الخلاف فى ذلك. وكل من ثبوت القيام لزيد والحكم به غير قيامه، فيصدق أن يقال فى: زيد قائم، الخبر هو المبتدأ؛ لأن: زيد قائم، بخلاف زيد هو قائم، فإن مدلوله: زيد ثبت له القيام، أو حكم له به، فلا يكون هو عين المبتدأ، إلا بتأويل: زيد موصوف بالقيام، أن تعلق أحدهما بالآخر، ينحل منه وصف يجرى على زيد هو الخبر فى المعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>