للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والقسم الثانى نوعان: الأول أن تكون تلك المادة كلية وجدت أفراد لها، كقولك:

يعجبنى خد كالورد؛ فإن الطرفين كليان وليسا محسوسين؛ لأن الكلى لا يحس إنما المحسوس كثير من أفرادهما.

وقد يكون هذا القسم لم يوجد منه إلا فرد واحد كقولك: زيد قمر، فإن الثانى أن تكون المادة كلية لم يوجد شئ من أفرادها، كالمشبه به فى قولك: شقيق كأعلام الياقوت فإن أعلام الياقوت كلية غير موجودة، لكنها تسمى حسية باعتبارين:

أحدهما: أنه لو أدرك جزئى من جزئياتها لأدرك بالحاسة.

والثانى: أن أجزاء كل فرد من مفرديها وهما العلم والياقوت إذا أريد به معين، كان حسيا. وتسمية هذا حسيا أبعد مما قبله؛ لأنه لم يوجد منه فى الخارج فرد. وبهذا تعلم أن كل حكم علقته بمشبه ومشبه به باعتبار المستقبل، وكانا غير موجودين، فإن تسميته حسيا على نحو ما سبق كقولك: اللهم ارزقنى ولدا كالبدر، وأعطنى فى الجنة

حورا كالياقوت والمرجان، فكل ذلك يسمى حسيا. إذا تقرر ذلك، فاعلم أن المصنف أطلق الحسى على أمرين: أحدهما ما أدرك بالحس، والثانى ما أدركت مادته لا هو، وأراد به القسم الأخير، واقتضى كلامه أن القسم الأول من أول نوعى الثانى حسى حقيقى، وليس كما قال فليتأمل.

وإذا تأملت ما ذكرته، علمت أنه لا تكاد تجد تشبيها فيه الطرفان حسيان حقيقيان إلا قليلا.

الثانى: اعلم أن الذى تدركه الحواس هى الأعراض، فالبصر يدرك اللون، والسمع يدرك الصوت، والشم يدرك الرائحة، والذوق يدرك الطعم، واللمس يدرك الحرارة واللين مثلا. فإن أطلقت المحسوس على ذات لا تريد لونها مثلا، بل تريد معناها العقلى، كان ذلك حينئذ عقليا لا حسيا، وإن أطلقته على ذات تريد عرضها المدرك بالحاسة كان فيه توسع. فإذا قلت: لون زيد كلون عمرو، كانا محسوسين قطعا، وإذا قلت: زيد كعمرو، كان معناه تشبيه حقيقة بحقيقة فيكونان عقليين، وإذا قلت: زيد كعمرو مريدا تشبيه لونه بلونه، ساغ ذلك بقرينة تصرف إليه كقولك: زيد كعمرو بياضا، والإطلاق حينئذ مجاز كما صرح به الإمام فخر الدين فى المحصول. والظاهر أنه صار حقيقة عرفية لاشتهاره. وهذا التفصيل الذى ذكرناه هو التحقيق، وإن كان

<<  <  ج: ص:  >  >>