للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبالعقلىّ: ما عدا ذلك؛ ...

ــ

كلسان ناطق، وقد يمثل أيضا بقوله تعالى: أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ (١) وتشبيه الحجة بالنور، وبه مثل الإمام قال: ولا يقال: الحجة مسموعة، بل المعتبر هو المعانى العقلية، وهو شبيه بما قلناه فى الحى، والعالم أنهما عقليان.

وقوله: (والعطر وخلق كريم) مثال لعكسه، فإن العطر المشبه حسى والخلق عقلى، وقد يعترض عليه بأمرين:

أحدهما: أن العطر لا يشبه بالخلق إنما تشبه رائحته بالخلق، وأن العطر نفس الطيب لا رائحته.

الثانى: أن هذا من قلب التشبيه؛ فإنه إنما يشبه خلق الكريم بالعطر.

(تنبيه): لا يجوز عند بعضهم تشبيه المحسوس بالمعقول، وبه جزم الزنجانى فى معيار النظر، والإمام فخر الدين؛ إذ المشبه به يجب أن يكون أظهر من المشبه ولكون المعقول فرع المحسوس، لأنه مستفاد منه، وحيث جاء فى الأشعار يؤول على أنه جعل المعقول محسوسا على سبيل المبالغة، وهذا يستدرجك إلى أن تجعل جميع هذا النوع من باب قلب التشبيه، ولا يجوز عند بعضهم تشبيه واحد منهما بالآخر. قال التنوخى فى الأقصى القريب: تشبيه المعنى بالصورة والصورة بالمعنى لا بد فيه من تجوز، ومن عد تشبيه المعنى بالصورة، ولم يعد تشبيه الصورة بالمعنى لا معنى لترجيحه أحد الأمرين على الآخر، بل إما أن يعدا معا أو لا يعدا معا. انتهى.

وهذا قول ثالث يقتضى نفى تشبيه المعقول بالمحسوس أيضا على سبيل الحقيقة.

(تنبيه): إدراك الحواس علم عند الأشعرى وطائفة، والعلم عقلى فيلزم أن يكون الحسى عقليا، وجوابه: أن المراد بالحسى المدرك لا الإدراك، ألا ترى إلى قولهم:

الحسى ما أدرك.

ص: (والعقلى ما عدا ذلك).

(ش): أى ما عدا الحسى والخيالى، فدخل فيه الوهمى وهو ما ليس بمدرك بها، ولو أدرك لما أدرك إلا بالحواس، وينبغى أن يقال: ما لا يدرك؛ لأن قولنا: ما ليس بمدرك يدخل فيه كل ما يتعلق بالمستقبل، كقولك: إن يأتنى ولد كالبدر أحببته، وعليه قوله


(١) سورة إبراهيم: ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>