للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ووجهه: ما يشتركان فيه تحقيقا أو تخييلا؛ والمراد بالتخييل: نحو ما فى قوله [من الخفيف] (١):

وكأنّ النّجوم بين دجاها ... سنن لاح بينهنّ ابتداع

ــ

بالحقيقة أن يكون الوجه بالتأويل فى المشبه، ثم يقلب التشبيه غير أنه يقع النزاع معه فى أن ذلك من قلب التشبيه على ما سيأتى.

وقول المصنف: (تحقيقيا أو تخييليا) يبعد أن يكونا منصوبين على المفعول من أجله؛ لأنهما لم يشتركا من أجل ذلك، ولا حالا؛ لأن مجئ الحال مصدرا لا ينقاس على الصحيح، ولا تمييزا؛ لأن الاشتراك ليس من تحقيق ولا تخييل، والأظهر أنهما مصدران مؤكدان.

بقى النظر فى أن قولنا: اشتراكا تخييلا هل حقيقته أن يحصل التخييل فى الطرفين، أو يكفى أن يكون التخييل فى أحدهما، وفيه بحث شريف ذكرناه فى شرح المختصر.

ص: (ووجهه ما يشتركان فيه تحقيقا أو تخييلا إلى قوله الشديد الخضرة).

(ش): وجه الاستعارة هو العلاقة، وهو المعنى الجامع بين المستعار له والمستعار منه واشتراكهما فيه تارة يكون تحقيقا كمشاركة زيد الشجاع للأسد فى معنى الشجاعة كذا قالوه، وهو غير صحيح فإن الشجاعة وصف مركب من العقل والجراءة.

قال الإمام فخر الدين فى المباحث المشرقية فى آخر الفصل السابع من الباب السابع:

الشجاعة مركبة من الإقدام والعقل. انتهى. وعلى هذا ليس فى الأسد شجاعة كما اشتهر على الألسنة فإذا شبه الإنسان بالأسد فالوجه إنما هو الإقدام لا الشجاعة، ونحن وإن أطلقنا ذلك فهو تبع للجمهور، وتارة يكون تخييلا، ولو سمى تخيليا لكان أحسن؛ لأن المستعير متخيل لا مخيل لكنه سمى تخييلا باعتبار تخييله لغيره، وما حيث وقعت فى الحدود نكرة موصوفة بمعنى شئ؛ لكنها فى هذا المحل لا تكون بمعنى شئ لأن الشئ الموجود على مذهب أهل السنة فيلزم أن يكون وجه الشبه وجوديا. لكنه قد يكون عدميا كما سيأتى فى تشبيه الموجود الذى لا ينفع بالمعدوم، والوجه عدم الفائدة.

ثم اعلم أن المراد بالوجه ههنا ما هو أعم من الواحد والمتعدد فإنه سيقسمه إليهما، وقد مثل المصنف للخيالى بقول القاضى التنوخى:

وكأنّ النّجوم بين دجاها ... سنن لاح بينهنّ ابتداع


(١) البيت للقاضى التنوخى، المصباح ص ١١٠، والإيضاح ص ٣٤٣، ونهاية الإيجاز ص ١٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>