للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وما يدرك بالوجدان؛ كاللذة والألم.

ــ

ويتميز الوهمى عن الخيالى بأن المادة فى الخيالى مدركة أى أجزاء كل فرد منه، والوهمى ليس مدركا لا هو ولا مادته.

(قلت): التحرير أن يقال: أجزاء الخيالى (قوله: وما يدرك بالوجدان) أى دخل فى العقلى؛ لأنه يدرك بالقوة الباطنة (كاللذة) وهى إدراك الملائم (والألم) وهو إدراك المنافر، وفى إطلاق ذلك نظر. قال فى شرح التجريد: كل من اللذة والألم حسى وعقلى فإنا نلتذ بالمعارف، وهى عقلية لا تعلق لها بالحس، ونلتذ بمطعوم ومشروب ونتألم بفقدهما فعلى هذا لا يصح تعميم أن كل لذة وألم عقلى، ثم سيأتى فى كلام المصنف فى الوجه ما يخالف هذا. وإنما أدخل الوهمى فى العقلى، والخيالى فى الحسى؛ تقليلا لوجوه التشبيه ما أمكن.

واعلم أن الوجه الخيالى عبارة عن كون الجامع لا يكون موجودا فى المشبه به إلا بتأويل، كما صرح به فى الإيضاح وغيره، والكلام فى ذلك يحتاج إلى تحقيق، فنقول:

قدمنا الخلاف فى جواز تشبيه المحسوس بالمعقول، وأن الجمهور على جوازه، فالوجه إن كان خياليا فى المشبه حقيقيا فى المشبه به فلا وجه لمنعه، فإنه يضاهى تشبيه الخيالى بالحسى، أو العقلى، وإن كان خياليا فيهما، فالظاهر أنه كذلك؛ لأنه تشبيه حسى بحسى أو عقلى بعقلى، وإن كان حسيا فى المشبه خياليا فى المشبه به، فقد قدمنا الخلاف فى تشبيه الحسى بالعقلى، وأن المصنف والأكثرين على جوازه. فإن قلنا به فلا بدع فى أن يكون الوجه خياليا فى المشبه به حسيا فى المشبه وإن منعناه وجعلنا ما ورد منه من قلب التشبيه امتنع فإن عليه أن المشبه به لا بد أن يكون أوضح من المشبه والمعنى فيه أتم؛ لأنه كالأصل المستلحق والمشبه كالفرع الملحق.

إذا تقرر هذا، فاعلم أن المصنف يرى جواز تشبيه الحسى بالخيالى، وأنه ليس من القلب فيلزمه أن يجوز كون الوجه خياليا فى المشبه فقط، أو فى المشبه به فقط، أو فيهما فتفسيره الخيالى بأن يكون الوجه بالتأويل فى المشبه به فيه نظر؛ لأنه ينفى بالمفهوم أن يكون خياليا فيهما أو خياليا فى المشبه فقط، ولعله خلاف الإجماع إلا أن يؤول على أنه نص على هذا، ليفهم منه جواز الآخرين من باب الأولى، والذى يظهر - والله أعلم - أن المصنف أراد المشبه به فى اللفظ فيما ذكره من الأمثلة، فإنه يرى أنها من باب قلب التشبيه كما صرح به فى الإيضاح، وكذلك

السكاكى، ويكون مراده

<<  <  ج: ص:  >  >>