للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فعلم فساد جعله فى قول القائل: النّحو فى الكلام كالملح فى الطعام كون القليل مصلحا والكثير مفسدا؛ لأن النحو لا يحتمل القلة والكثرة؛ بخلاف الملح ....

ــ

وكأن النجوم بين دجاه سنن - أى كأن نجومه الكائنة بين الدجى أى التى استولى الدجى عليها وسترها - لاح الابتداع بينها أى بين أجزاء كل نجم من نجومها فصارت السنن ظرفا، والبدعة مظروفا لها ساترا لها كما أن الظلمة سترت النجوم واستولت عليها استيلاء المظروف، وبهذا ظهر أنه ليس من قلب التشبيه؛ لأن المقصود تشبيه ليلته لا تشبيه بدعته، ولا يقدح فى هذا قوله بعد:

مشرقات كأنهنّ حجاج ... تقطع الخصم والظّلام انقطاع

لأنه يريد أنهن مع كونهن مشرقات غلبت عليها الظلمة فسترتها، وقد ذكر المصنف فى الإيضاح أمثلة كثيرة للوجه الخيالى لم أر الإطالة بذكرها.

ص: (فعلم فساد جعله فى قول القائل: النحو فى الكلام كالملح فى الطعام كون القليل مصلحا، والكثير مفسدا؛ لأن النحو لا يحتمل القلة والكثرة بخلاف الملح).

(ش): أى لكون وجه الشبه ما يشتركان فيه علم فساد جعل الوجه كون القليل مصلحا والكثير مفسدا فى قولهم: النحو فى الكلام كالملح فى الطعام إذ القلة والكثرة إنما يتصور جريانهما فى الملح؛ لأن قليله ينفع وكثيره يضر بالطعام دون النحو، فإنه إن وجد انتفع به كرفع الفاعل ونصب المفعول، وإن لم يوجد لم يوجد النحو فهذا حينئذ ليس بوجه؛ لعدم الاشتراك، وتقريره على هذا الوجه، يقتضى أن المانع فى المشابهة كون النحو لا يتفاوت بالقلة والكثرة، ولكن يمنع ذلك لأن النحو متفاوت قطعا، وقد يعرف النحوى تراكيب كثيرة لا يعرفها نحوى آخر. ويحتمل أن يراد أن التشبيه فاسد؛ لأن النحو كثيره وقليله يصلح بخلاف الملح ولفساد القلة والكثرة وجها، قيل:

الوجه فى هذا التشبيه كون الاستعمال مصلحا والترك مفسدا، ليكون مشتركا بينهما وإليه ذهب عبد القاهر، وقد تكلف للأول بأن كثرة النحو توجب الإقدام على ما لا يتوهم قليل النحو جوازه من تقديم وتأخير وإضمار، فيبقى كبيت الفرزدق السابق، ولعل هذا المراد من قول السكاكى: وربما أمكن تصحيح هذا، ولكن ليس ما يهمنا الآن. وقيل المراد: أن البيت قد يكون له أعاريب، فحمله على المعنى المراد تقليل للنحو وإصلاح، وحمله على تلك الأعاريب، الكثيرة كثرة مضرة، وقيل: لأن النحو مقصود

<<  <  ج: ص:  >  >>