للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الفاعل لا يكون إلا بمعنى الفاعل، والفاعل قوى، وفعيل يكون بمعنى الفاعل والمفعول، فهو دائر بين قوى وضعيف، وما يختص بقوى أبلغ مما دار بين قوى وضعيف، ولأن فاعل أشمل لشموله المتعدى والقاصر. ورده التنوخى بأن المفاضلة إنما تكون بين كلمتين ومادة واحدة، لا بين الأوزان، ثم قد يرد على هذه القاعدة أمور منها:

أن ياء التصغير تنقص المعنى وتحقره غالبا، ويمكن الجواب عنه بأنه إنما يكثر المعنى بزيادة حرف لا لمعنى، أما الحرف المراد لمعنى، فإنه لا يتجاوز معناه، كما أن حرف المضارعة لا يزيد المعنى فى يضرب على ضرب بل يغير الزمان فقط. أو يقال: إن ياء التصغير زادت المعنى؛ لأن مدلول الاسم قبل التصغير مطلق الحقيقة، وبعده الحقيقة بقيد الحقارة، أو التحبيب ونحو ذلك من أسباب التصغير. وبعد أن ذكرت ذلك بحثا رأيت علاء الدين بن النفيس، قد سبقنى إليه فى كتابه طريق الفصاحة، فقال: التصغير وإن دل على الاحتقار والنقص فذلك لا محالة زيادة فى

المعنى. اه. ولكن فيه نظر لما سيأتى.

ومنها قولهم لمن مات: ميت بالإسكان، ولمن قارب الموت: مائت، وإن كان مائت يطلق أيضا على من مات. فإن قيل: إنهما لمعنيين مختلفين، فجوابه أن المعنى الذى فى المقارب للموت بعينه موجود فى الميت حقيقة وزيادة عليه.

ومنها أن جموع القلة أقلها حروفا أفعل وفعلة، وهما أكثر حروفا من أشياء من جموع الكثرة مثل فعل وفعل وفعل بل غالب جموع الكثرة لا يتجاوز خمسة أحرف، وكذلك أفعال وأفعلة وهما جمعا قلة، وجموع السلامة كلها للقلة، وأقلها خمسة أحرف.

فنحن نجد فى كثير من المواد جمع قلة حروفه أكثر من نظيره من تلك المادة، وهو جمع كثرة.

ومنها أن اسم الفاعل من الثلاثى على أربعة (ف اع ل)، فإذا أردت المبالغة، ساغ لك أن تحوله إلى مثله عددا، وهو فعيل أو أقل وهو فعل، وقد يجاب عن فعيل بأنّا لم ندع أن العلامة مطردة منعكسة، ولا قلنا: إن عدم زيادة الحروف يدل على عدم زيادة المعنى. ويجاب عن فعل بأنه حصل فيه معارض، وهو أنه على وزن أفعال السجايا، فكان أبلغ من جهة أخرى، والجواب السابق أيضا: فإن فاعل لم تزد حروفه على فعل، حتى يلزم أن يكون أبلغ بل فعل نقصت حروفه عن فاعل، فإن فاعلا هو

<<  <  ج: ص:  >  >>