للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

متشخص فلا بد أن يكون جزئيا، ووجه الشبه لا بد أن يكون أمرا يشترك الطرفان فيه، فلو كان حسيا والحسى موجود متعين، فى محل لزم أن يكون لكل من الطرفين صفة يختص بها فلا اشتراك حينئذ؛ لاستحالة وجود شئ واحد فى محلين فلا يوجد فى الطرف الآخر إلا مثله، والمثلان ليسا شيئا واحدا، ووجه الشبه لا بد أن يكون واحدا، يحصل الاشتراك فيه كليا مأخوذا من المثلين بتجردهما عن التعيين.

ثم قال: يمتنع أن يقال: وجه الشبه حصول المثلين فى الطرفين؛ لأن المثلين متشابهان، ولا بد للتشابه من وجه فإن كان عقليا صح ما قلناه، وإن كان حسيا لزم أن يكون منقسما فيهما، فيستدعى أن يكون من المثلين مثلان آخران، ويتسلسل وهو محال، وفيه نظر؛ لأن الكلى وإن وجد فى الخارج فليس حسيا.

وقال المصنف فى الإيضاح: المراد بكونه حسيا أن تكون أفراده مدركة بالحس، وهذا فى الحقيقة تسليم لكلام السكاكى، واعتراف بأن وجه الشبه عقلى، غير أنه يسمى حسيا، ثم يرد عليه أن هذا فى الاصطلاح لا يسمى حسيا، ألا ترى ما تقدم من المصنف فى الخيالى، وأنه ملحق بالحسى لا حسى، وإن كانت أفراده مدركة بالحس

فالسكاكى يقول: كما سلبتم اسم الحسى عن الخيالى، وإنما ألحقتموه به، فعليكم أن تسلبوا اسم الحسى عن الوجه أبدا وتصرحوا بإرادة ذلك منه، وقد أورد على قولهم أن وجه الشبه لا بد أن يكون واحدا كليا موجودا فيهما أنه يستلزم حصول العرض الواحد فى وقت واحد بمحلين، وأجيب بأنا لا نعتبر مع وجه الشبه تعينا وتشخصا، بل نأخذه مجردا، واعترض بأنه إذا أخذ مجردا امتنع أن يكون موجودا فيهما؛ إذ الوجود فيهما، يلزمه تعينه فى كل منهما، فالموجود فيهما غير كلى، فليس وجه الشبه، ووجه الشبه غير موجود فيهما فليس وجها. وأجيب بأن التعيين غير مانع من فرض العقل إياه مشتركا بين كثيرين، بمعنى أنه يتمكن من مطابقته لما يشتمل عليه كل واحد منهما، وأورد على السكاكى أن هذا تسلسل اعتبارى فلا إحالة فيه، وأنا أقول: أصل الاعتراض الذى أورده السكاكى على نفسه وأجاب عنه فاسد الوضع؛ لأن القول بأن وجه الشبه حصول المثلين؛ يقضى بأنه عقلى؛ لأن حصول المثلين أيضا عقلى لا حسى فإن عنى به أن الوجه لا يشترط أن يكون واحدا مشتركا بينهما، فلا حاجة إلى العدول عن الحسى.

<<  <  ج: ص:  >  >>