للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالواحد الحسىّ: كالحمرة، والخفاء، وطيب الرائحة، ولذّة الطّعم، ولين الملمس فيما مرّ.

والعقلىّ: كالعراء عن الفائدة، والجرأة، والهداية، واستطابة النفس فى تشبيه وجود الشئ العديم النفع بعدمه، والرجل الشجاع بالأسد، والعلم بالنور، والعطر بخلق كريم.

ــ

واعلم أن أقسام وجه الشبه على ما ذكره المصنف سبعة: واحد حسى، وواحد عقلى، ومركب حسى، ومركب عقلى، ومتعدد حسى، ومتعدد عقلى، ومتعدد مختلف - أى بعضه حسى وبعضه عقلى، ولك أن تقول: المتعدد وجهان لا وجه واحد مختلف، فهذا التقسيم ليس بصحيح، ولا يخفى أن الخيالى أهمل فى هذا الباب؛ لدخوله فى الحسى؛ والوهمى والوجدانى أهملا؛ لدخولهما فى العقلى على ما سبق، والسكاكى قسم المركب إلى ما هو حقيقة ملتئمة، وإلى ما هو أوصاف قصد من مجموعها هيئة واحدة وسيأتى مثالهما.

واعلم أن المراد بالتركيب تركيب الأجزاء غير المحمولة، وليس المراد به ما يحصل فى الأنواع من تركيب الفصول على الأجناس. فإن الحسى كالحمرة ونحوها مركبة ثم أخذ المصنف فى أمثلة ذلك فقال:

ص: (الواحد الحسى إلى قوله: والمركب).

(ش): مثال القسم الأول، وهو الوجه الواحد الحسى: الحمرة فى تشبيه الخد بالورد، والخفاء فى تشبيه الصوت الضعيف بالهمس، وطيب الرائحة فى تشبيه النكهة بالعنبر، وقد تقدم ما يرد عليه، ولذة الطعم فى تشبيه الريق بالخمر، كذا قال المصنف تبعا للسكاكى، وهو مخالف لما قاله المصنف فيما سبق من أن اللذة وجدانى عقلى لا

حسى، وموافق لاعتراضنا عليه، وقد تقدم ما يرد عليه أيضا، ولين الملمس فى تشبيه الخد الناعم بالحرير، وهذه أمثلة للواحد الحسى الذى طرفاه معقولان.

وأما الواحد العقلى الذى طرفاه معقولان، فالعراء عن الفائدة فى تشبيه وجود الشئ العديم النفع بعدمه، وجهة الإدراك فى تشبيه العلم بالحياة. فإن قلت: الإدراك هو العلم، فكيف يكون جهة مشتركة بين العلم والحياة؟ قلت: المقصود هنا بالعلم هو الصفة الموجبة للتمييز الذى لا يحتمل النقيض، وأما العقلى الذى طرفاه محسوسان فكالجراءة فى تشبيه الرجل الشجاع بالأسد، ومطلق الاهتداء فى تشبيه أصحاب النبى صلّى الله عليه وسلّم

<<  <  ج: ص:  >  >>