للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والثانى: أن تجرّد الحركة عن غيرها؛ فهناك - أيضا - لا بد من اختلاط حركات إلى جهات مختلفة الحركة له؛ فحركة الرحى والسهم لا تركيب فيها، بخلاف حركة المصحف فى قوله [من المديد]:

وكأنّ البرق مصحف قار ... فانطباقا مرّة وانفتاحا (١)

ــ

والشمس مرآة بكفّ المرتعش

ثم قد يعترض بأن يقال: هذا تشبيه بأوجه متعددة، لا بوجه مركب، فإن كل واحد من هذه الأمور مستقل بنفسه، يمكن أن يجعل وجها، وقد يرد على هذا ما ورد على الذى قبله من أن يقال: هذه أوجه متعددة، لا وجه مركب، ومن هذا قول الوزير المهلبى:

والشمس من مشرقها قد بدت ... مشرقة، ليس لها حاجب

كأنّها بوتقة أحميت ... يجول فيها ذهب ذائب

فإن البوتقة إذا أحميت وذاب فيها الذهب استدارت، وتحركت بتلك الحركة السريعة العجيبة، والوجه الثانى: أن تجرد الحركة عن غيرها فتكون هى الوجه، فلا بد من اختلاط حركات إلى جهات؛ لأن الكلام فى الوجه المركب فعلم أن حركة الرحى والسهم، لا تركيب فيهما فلا بد من شئ يمكن تحرك بعضه إلى جهة اليمين، وبعضه إلى جهة اليسار، مثلا كحركة المصحف، فى قول ابن المعتز:

وكأنّ البرق مصحف قار ... فانطباقا مرّة، وانفتاحا

لأنّه يتحرك فى الحالتين إلى جهتين، فى كل حالة إلى جهة، كذا قال المصنف.

والأحسن أن يقال: فى كل حالة إلى جهتين، ففى حالة الانفتاح يتحرك اليمين إلى اليمين، واليسار إلى اليسار، وفى حالة الانطباق يتحرك اليمين إلى اليسار وعكسه فشبه اختلاف (٢) تعدد حركاته، باختلاف حركة البرق فتارة يظهر، وتارة يخفى بخلاف حركة الرحى مثلا فإنها لا تتغير عن جهة واحدة.


(١) البيت لابن المعتز.
(٢) قوله: فشبه اختلاف إلخ كذا فى الأصل ولعل فى العبارة قلبا إذ المشبه فى البيت البرق والمشبه به المصحف. كتبه مصححه.

<<  <  ج: ص:  >  >>