للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد يقع التركيب فى هيئة السكون؛ كما فى قوله (١) فى صفة كلب [من الرجز]:

يقعى جلوس البدوىّ المصطلى

من الهيئة الحاصلة من موقع كلّ عضو منه فى إقعائه.

ــ

وقوله: قار أصله: قارئ بالهمزة، وإنما خففه ولم يصحح الياء؛ لأنه جعل الأصل نسيا منسيا بجعله كقاض. وقوله: (انطباقا) منصوب بفعل - أى فينطبق انطباقا وكذا انفتاحا - أى وانفتاحا مرة، وقيل: المراد: انفتاح السحاب عن البرق، وانطباقه عليه، وهو حسن، إلا أنه يلزم أن يكون المشبه بالمصحف هو السحاب، لا البرق.

(قلت): ولك أن تقول: الوجه هنا واحد، وهو اختلاف الحركة لا مجموع الحركات المتعددات، ومن ذلك أيضا قوله:

فكأنّها والريح جاء يميلها ... تبغى التّعانق ثم يمنعها الخجل

قال المصنف: ومن السهل الممتنع قول امرئ القيس:

مكرّ مفرّ مقبل مدبر معا ... كجلمود صخر حطّه السّيل من عل

يريد أن هذا الفرس لسرعة انحرافه يرى كفله فى الحال التى يرى فيها رأسه، فهو كصخر دفعه السيل من مكان عال، فهو يطلب جهة السفل، فكيف إذا أعانته قوة دفع السيل من عل؟ فهو بسرعة تقلبه، يرى أحد وجهيه حيث يرى الآخر. وقولنا: دفعه السيل، هى عبارة المصنف، والأحسن حطه كما فى البيت؛ لأن الدفع قد ينقطع، فلا يحصل معه الحط.

ص: (وقد يقع التركيب فى هيئة السكون إلخ).

(ش): يعنى أن الوجه قد يكون حسيا مركبا فى هيئة السكون، لا من الحركة ومنه قول أبى الطيب فى صفة الكلب:

يقعى جلوس البدوىّ المصطلى

ولطف ذلك؛ لأن لكل عضو من الكلب فى إقعائه موقعا خاصا، ولمجموع ذلك صورة خاصة مؤلفة من تلك المواقع، وقوله: (جلوس) منصوب على المصدر من يقعى، وإن كان بغير فعله، أو لفعل محذوف تقديره: يجلس، وخص البدوى بالذكر؛ لغلبة ذلك منه.


(١) البيت للمتنبى، وبعده: بأربع مجدولة لم تجدل.

<<  <  ج: ص:  >  >>