للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والعقلىّ: كحرمان الانتفاع بأبلغ نافع مع تحمّل التعب فى استصحابه، فى قوله تعالى: مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً (١) ...

ــ

بقى أن يقال: كون الإقعاء هيئة سكون فيه نظر؛ لأن الجلوس حركة، لأن الحركة السكون فى حيز بعد السكون فى غيره، والجلوس كذلك نعم دوامه سكون، ومنه قوله فى صفة مصلوب:

كأنّه عاشق قد مد صفحته ... يوم الوداع إلى توديع مرتحل

أو قائم من نعاس فيه لوثته ... مواصل لتمطّيه من الكسل

ص: (والعقلى كالمنظر المطمع إلخ).

(ش): هذا هو القسم الثانى من القسم الثانى، وهو الوجه المركب الذى بمنزلة الواحد، وهو عقلى. ومثله المصنف بقوله: كالمنظر المطمع مع المخبر المؤيس على خلاف المقدر فى قوله تعالى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسابَهُ (٢) فإنه شبه عمل الكافر الذى يحسبه ينفعه فى الآخرة، ثم يخيب أمله، بشراب يراه الكافر، وقد غلبه العطش يوم القيامة، فيحسبه ماء فيأتيه فلا يجده، ويجد زبانية ربه يذهبون به إلى النار.

فالوجه هنا منتزع من أمور مجموع بعضها لبعض؛ لأنه روعى من الكافر توهمه نفع العمل، وأن يكون للعمل صورة مخصوصة، وهى صورة الصلاح وأنه لا يفيد فى العاقبة شيئا، ويلقون فيها عكس ما أملوه. وكذا فى المشبه فالجامع كون الشئ على صفة يتوهم نفعه، وهو فى الباطن غير نافع بل ضار، وهو وجه عقلى أحد طرفيه وهو السراب عقلى وهمى، والآخر وهو الأعمال منقسمة إلى حسى كالصلاة والصدقة، وعقلى كالاعتقاد، وكل ما كان فى أطرافه حسى وعقلى كان وجهه عقليا، كما سبق.

وقوله: (الجامع المنظر المطمع مع المخبر المؤيس) يريد الهيئة الحاصلة من المنظر والمخبر، لا نفس المخبر والمنظر، فإن المنظر إن أريد به المفعول، فهو حسى أو المصدر فقد ينازع فى كونه عقليا؛ لأنه توجيه الحدقة نحو المنظور، وهو يشاهد بالحاسة وقد مثل هذا النوع بقوله صلّى الله عليه وسلّم:" إياكم وخضراء الدمن" يريد: المرأة الحسناء فى المنبت


(١) سورة الجمعة: ٥.
(٢) سورة النور: ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>