للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو حاله؛ كما فى تشبيه ثوب بآخر فى السواد، أو مقدارها؛ كما فى تشبيهه بالغراب فى شدّته، أو تقريرها؛ ...

ــ

ومنها: أن يقصد بيان حال المشبه، كما فى تشبيه ثوب بآخر فى السواد، كما إذا جهل الإنسان لون ثوب، فيقال: هو كهذا، ويدخل فى الحال قصد بيان الجنس، أو النوع، أو الفصل، كما إذا قيل: ما عندك؟ فتقول: شئ كزيد حيوانية، أو إنسانية، أو نطقا.

ومنها: قصد بيان مقدارها، أى مقدار حاله كما فى تشبيهه - أى: تشبيه الثوب - بالغراب فى شدته، أى شدة السواد، كقولك: هذا الأسود كالغراب، ولك أن تقول:

تبيين مقدار الحال، ينافى كون وجه الشبه فى المشبه به أتم، كما سيأتى لأنه إذا كان أبدا أتم فالتشبيه لا يفيد غير نقصان وجه الشبه فى المشبه عنه فى المشبه به، وأنشد المصنف فى الإيضاح قوله:

مداد مثل خافية الغراب

وجعل منه أيضا قوله:

فأصبحت من ليلى الغداة كقابض ... على الماء، خانته فروج الأصابع

وفيه نظر، وينبغى أن يكون من القسم بعده.

ومنها: أن يقصد تقرير حال المشبه فى ذهن السامع، وظاهر عبارة الإيضاح أن قوله: أو تقريره، مرفوع عطفا على بيان، لا مجرور عطفا على إمكانه، وهو الصواب كما فى تشبيه من لا يحصل من سعيه على طائل، بمن يرقم على الماء، ومنه قول الأخفش: الكسرة على الياء، والضمة على الواو، كالكتابة على السواد. ومنه قول الشاعر:

إذا أنا عاتبت الملول كأنّما ... أخطّ بأقلامى على الماء أرقما

قال المصنف: وعليه قوله تعالى: وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ (١) فإنه بين ما لم تجر به العادة بما جرت به العادة، وفيه نظر. وينبغى أن يكون هذا من الوجه الأول؛ لأن المشبه حال الجبل فى ارتفاعه عليهم، والمشبه به حال الظلة فى ارتفاعها.

فالغرض من التشبيه بيان إمكان المشبه، فهو كقوله:


(١) سورة الأعراف: ١٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>