الثانى: ما استعملته العرب قليلا، ولم يحسن تأليفه ولا صيغته فهذا لا يحسن إيراده.
الثالث: ما استعملته العرب وخاصة المحدثين دون عامتهم فهذا حسن جدا لأنه خلص من حوشية العرب وابتذال العامة.
الرابع: ما كثر فى كلام العرب وخاصة المحدثين وعامتهم ولم يكثر فى ألسنة العامة فلا بأس به.
الخامس: ما كان كذلك، ولكنه كثر فى ألسنة العامة، وكان لذلك المعنى اسم استغنت به الخاصة عن هذا، فهذا يقبح استعماله لابتذاله.
السادس: أن يكون ذلك الاسم كثيرا عند الخاصة والعامة، وليس له اسم آخر، وليست العامة أحوج لذكره من الخاصة، ولم يكن من الأشياء التى هى أنسب بأهل المهن فهذا لا يقبح، وليس يعد مبتذلا، مثل لفظ: الرأس والعين.
السابع: أن يكون كما ذكرناه إلا أن حاجة العامة له أكثر، فهو كثير الدوران بينهم، كالصنائع، فهذا مبتذل.
الثامن: أن تكون الكلمة كثيرة الاستعمال عند العرب والمحدثين لمعنى، وقد استعملها بعض العرب نادرا لمعنى آخر، ويجب أن يجتنب هذا أيضا.
التاسع: أن يكون العرب والعامة استعملوها دون الخاصة، وكان استعمال العوام لها من غير تغيير، فاستعمالها على ما نطقت به العرب ليس مبتذلا، وعلى التغيير قبيح مبتذل اه. ثم اعلم أن الابتذال فى الألفاظ وما يدل عليه ليس وصفا ذاتيا، ولا عرضا لازما؛ بل لاحقا من اللواحق المتعلقة بالاستعمال فى زمان دون زمان، وصقع دون صقع، ومن أسباب الفصاحة أيضا أن لا تكون مشتركة بين معنيين: أحدهما مكروه كقولك: لقيت فلانا فعزرته، إلا بقرينة، كقوله تعالى:
فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ (١). ولك أن تقول: القرينة لا بد منها لكل إطلاق لفظ مشترك، فإن لم تكن قرينة، لم يجز
ذلك إلا لغرض الإبهام، وإن وجدت القرينة فهو فصيح لوروده فى القرآن الكريم، وقد يقال: هذا يتعلق بفصاحة الكلام لا الكلمة،