للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وأن تكون الحروف لذيذة عذبة، وقد يقال: إن غالب ذلك راجع إلى التنافر فدخل فى كلام المصنف، وجعل من الإخلال بالفصاحة أيضا أن يجمع بين ثلاث حركات متوالية، وليس بصحيح لوروده فى القرآن، ولو صح فهو من التنافر، وأيضا فهو فى الكلمة الواحدة: أما الكلمات فقد تجتمع فيها الحركات المتوالية، وتصل إلى ثمانية، قال تعالى: إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً (١) وجعل حازم فى المنهاج من المستقبح تتابع الكسرات، وحروف العلة نحو الكيماء.

(تنبيه): ليس من شرط الكلمة أن تكون قابلة هذه الأمور الثلاثة، فقد لا تقبلها كالكلمة التى على حرف واحد فلا تنافر فيها، بل الحروف كلها ليس فيها تنافر حروف.

(تنبيه): قال فى الإيضاح: ثم علامة كون الكلمة فصيحة، أن يكون استعمال العرب الموثوق بعربيتهم لها كثيرا، أو أكثر من استعمالهم ما بمعناها. قلت: قوله: أو أكثر من استعمالهم ما بمعناها فيه نظر؛ لاستلزامه أن مراتب الفصاحة لا تتفاوت، لأنه إذا كان استعمالهم لها أكثر من غيرها وجعلناه دليل الفصاحة فلا يكون غير فصيح بحال، لا يقال:

قوله كثيرا يرفع هذا الوهم؛ لأنه إنما يقصد بقوله: أن يكون استعمالهم لها كثيرا كون الكلمة ليس لها مرادف؛ فكثرة استعمالها دليل فصاحتها. أما إذا كان كلمتان مترادفتان، فقد شرط فى فصاحة إحداهما الأكثرية، ولا شك أن رتب الفصاحة متفاوتة، ولو كان مراده الكثرة من كلمة لها مرادف لما قال: أو أكثر؛ لأن الأكثر كثير.

(تنبيه): قال ابن النفيس فى كتاب الطريق إلى الفصاحة: قد تنقل الكلمة من صيغة لأخرى، أو من وزن لآخر، أو من مضى لاستقبال وبالعكس، فتحسن بعد أن كانت قبيحة، وبالعكس فمن ذلك خود بمعنى أسرع قبيحة فإذا جعلت اسما خودا، وهى المرأة الناعمة قل قبحها، وكذلك ودع يقبح بصيغة الماضى؛ لأنه لا يستعمل ودع إلا قليلا، ويحسن فعل أمر أو فعلا مضارعا، ولفظ اللب بمعنى العقل يقبح مفردا، ولا يقبح مجموعا، كقوله تعالى: لِأُولِي الْأَلْبابِ (٢) قال ولم يرد لفظ اللب مفردا إلا


(١) سورة يوسف: ٤.
(٢) سورة آل عمران: ١٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>