للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

صاحب المفتاح لقوله: إن هذه الآية مصبوبة فى هذا القالب ففيه نظر، فإن هذا ليس بتشبيه، لأن قولك: اتخذ هواه

إلهه، ليس معناه مثل إلهه، بل معناه اتخذ هواه معبوده فهو كقولك: اتخذت زيدا مكرما. فليس تشبيها ولا استعارة، سواء أقلنا: إن قولك: اتخذت زيدا أسدا تشبيه، أم قلنا: استعارة، وجعل ذلك ظاهر كلام السكاكى فيه نظر، لأن الظاهر أن السكاكى أراد أنها مصبوبة فى قالب مطلق القلب الصادق على جعل المفعول الأول ثانيا والثانى أولا، فإن أراد الشيرازى هذا وأنه مثله فى كونه مقلوبا فليس هذا موضع الكلام على القلب، وذاك باب قد سبق فى علم المعانى، وذكر الوالد فى تفسيره أنه إنما قيل إلهه هواه إشارة إلى أنه جعل الإله المعلوم الثابت كهواه، وهذا غير معنى اتخذ هواه إلهه. انتهى.

فعلى هذا ليس ذاك مقلوبا، لكن يكون هواه استعارة أو تشبيها على الخلاف، هذا ما ذكره الوالد فى تفسيره، ورأيت بخطه فى بعض التعاليق أنه تأمل ما قيل بهذه الآية، وهى قوله تعالى: وَإِذا رَأَوْكَ (١) إلى قولهم: إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا عَنْ آلِهَتِنا (٢) فعلم أن المراد الإله المعهود الباطل الذى عكفوا عليه وصبروا وأشفقوا من الخروج عنه، فجعلوه هواهم، ومن التشبيه المقلوب فيما زعم ابن الزملكانى فى البرهان قوله تعالى:

وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى (٣) وليس كما قال، فإن المعنى ليس الذكر الذى طلبت كالأنثى التى وضعت، لأن الأنثى أفضل منه، وسواء أكان ذلك من كلام الله غير محكى، والتقدير: وليس الذكر الذى طلبت، أو من كلامها، والتقدير: ليس الذكر الذى طلبت وتكون علمت ذلك لما رأت من حسن أوصافها فتفرست فيها أنها خير من الذكر الذى طلبته.

ومن التشبيه المقلوب قوله تعالى: يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ (٤) ويمكن أن يجعل من قلب التشبيه قوله صلّى الله عليه وسلّم:" ذكاة الجنين ذكاة أمه" (٥) على رأى من قدره مثل ذكاة، واكتفى بذكاة الأم عن ذكاة الجنين، وكذلك قوله - عليه


(١) سورة الفرقان: ٤١.
(٢) سورة الفرقان: ٤٢.
(٣) سورة آل عمران: ٣٦.
(٤) سورة الأحزاب: ٣٢.
(٥) " صحيح" انظر صحيح الجامع (ج ٣٤٣١)، وراجع الإرواء (ح ٢٥٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>