للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا إذا أريد إلحاق الناقص - حقيقة أو ادعاء - بالزائد، فإن أريد الجمع بين شيئين فى أمر: فالأحسن ترك التشبيه إلى الحكم بالتشابه؛ احترازا من ترجيح أحد المتساويين؛

ــ

ص: (هذا إذا أريد إلى آخره).

(ش): يريد أن ما تقدم كله مفروض فيما إذا أريد إلحاق الناقص حقيقة فى التشبيه المستقيم، أو ادعاء فى التشبيه

المقلوب بالزائد، وينبغى أن نقول فيه أيضا حقيقة أو ادعاء، ولو أخر المصنف حقيقة أو ادعاء عن قوله بالزائد؛ ليكون عائدا لأحدهما، ويقدر فى الآخر لكان أحسن.

وفى هذا الكلام مخالفة لما سبق؛ لأنه يقتضى أن من شرط التشبيه أن يقصد إلحاق الناقص بالزائد، وقد تقدم أن المصنف إنما شرط ذلك فى بعض ما سبق، لا فى كله، ويرد عليه أيضا أنه قدم أن وجه الشبه لا بد أن يكون فى المشبه به أشهر، فينبغى أن يشرط فى التشابه شرطا آخر، وهو عدم شهرة أحدهما عن الآخر.

(قوله: فإن أريد الجمع بين شيئين فى أمر إلخ) عبارة قاصرة، فإن إرادة الجمع بينهما لا تنافى إرادة إلحاق الناقص بالزائد، والأحسن عبارته فى الإيضاح حيث قال:

فإن أريد مجرد الجمع فإنها تعطى ما يقصده من أنه لا يقصد إلحاق الناقص بالزائد، ومع ذلك هى قاصرة؛ لأن التشابه على ما يقتضيه كلامه لا يقصد فيه مجرد الجمع، بل يقصد به الجمع بقيد التساوى، وينبغى أن يقال: التساوى حقيقة، أو ادعاء.

والتحقيق أن ما سيأتى ينقسم إلى قسمين: تشابه يقصد به التساوى، وتشابه يقصد به مجرد الجمع.

قال: (فالأحسن ترك التشبيه) لأن الفرض أنه لم يقصد إلحاق الناقص بالزائد، فلا يؤتى بصيغة التشبيه المقتضية لذلك احترازا عن ترجيح أحد المتساويين على الآخر، فإن التشبيه ترجيح المشبه به على المشبه، وإنما قلنا: إن التشابه يقتضى التساوى؛ لأن تشابه زيد وعمرو قضية تنحل فى المعنى إلى قولنا: زيد يشبه عمرا، وعمرو يشبه زيدا. وأنت لو صرحت بهاتين القضيتين لكانتا متنافيتين، إلا بأن تجعل التشبيه فى أحدهما مقلوبا، والحكم على أحدهما بالقلب دون الآخر تحكم، وترجيح لأحد المتساويين على الآخر، فصارا كالدليلين المتعارضين فى شئ فيتساقطان فى محل التعارض، وهو ترجيح أحدهما على الآخر، ويعمل بهما فى مجرد المشابهة فيكونان متساويين، فيصير مضمون التشابه التساوى، هذا تحقيق هذا الموضع.

<<  <  ج: ص:  >  >>