الواحد ليس مقصودا، وإن صح تشبيهه بجزء الطرف الآخر، وحيث كان المقصود أحد أجزاء الطرف الآخر؛ ولكن بقيد فيه، وليس ذلك القيد مقصودا لنفسه، بل للطرف، فهو مقيد بمقيد، وإذا وجدت فى أحد الطرفين قيدا لفظيا، فانظر إلى المعنى، فإن وجدت المقيد هو المقصود، والقيد تبع؛ لم يؤثر فيه شيئا، فهو مفرد مقيد. وإن وجدت تشبيههما إلى الهيئة الحاصلة فى الذهن على السواء، فهو تشبيه مركب، وإن أردت تشبيه أشياء متفاصلة بأشياء متفاصلة فهو تشبيه متعدد بمتعدد، وإذا أتيت بالعطف، وقلت: زيد وثوبه، كبكر وثوبه، احتمل ذلك تشبيه زيد ببكر، وثوب زيد بثوب بكر، فيكون لفا ونشرا، فهذان حينئذ تشبيهان متفاصلان متعددان، وليس الكلام فيه.
واحتمل أن يريد: زيد كعمرو، فى حال كون كل منهما مع ثوبه، والثوبان شرطان فى تشبيه أحدهما بالآخر، فيكون تشبيه مفرد مقيد بمفرد مقيد، وتكون الواو للمعية.
وليس من شرط الواو التى لا تنصب أن لا يكون معنى المعية مرادا معها، واحتمل أن يريد تشبيه الهيئة الحاصلة من مجموع ذلك بالهيئة الحاصلة من مجموع هذا، فيكون تشبيه مركب بمركب، والواو للمعية كما سبق. وكذلك إذا قلت: النجوم والدجا، كالسنة والابتداع، والتركيب فى هذا الباب، هو جعل المشبه به أمرا حاصلا من مجموع أمرين، أو أمور، والتقييد أن تشبه شيئا بشرط انضمام شئ إليه، والتركيب فى هذا أعم من التركيب النحوى، فإن التركيب عند النحوى، كتركيب الإسناد، كزيد قائم، أو المزج مثل: بعلبك، أو الإضافة، مثل: غلام زيد، والتركيب المقصود هنا أمر يرجع إلى المعنى، أعم من أن يكون القيد إضافة، أو صفة، أو حالا، أو ظرفا، أو غير ذلك، وأعم من أن يكون ملفوظا به، أو مقدرا، وهذا تحقيق لم يتعرضوا له فليتأمل.
إذا تقرر ذلك فبيت بشار مركب بمركب؛ لأن المقصود تشبيه الهيئة الحاصلة من أحدهما بالهيئة الحاصلة من الآخر، وإن كان قوله: تهاوى كواكبه قيدا فى اللفظ، ولم يدخل عليه حرف التشبيه، ولكنه مقصود على أنه جزء، لا شرط؛ فلذلك جعلناه مركبا، وأما جعل أسيافنا مفعولا معه، فليس شرطا، كما سبق.