للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإما تشبيه مركّب بمفرد؛ كقوله [من الكامل]:

يا صاحبىّ تقصّيا نظريكما ... تريا وجوه الأرض كيف تصوّر

تريا نهارا مشمسا قد شابه ... زهر الرّبا فكأنّما هو مقمر

ــ

قلت: المراد بالمركب ما كان هيئة حاصلة من حقيقتين متفاصلتين يجتمعان، والشقيق مراد به هو وسواعده، فالمجموع منهما حقيقة واحدة، لا حقيقتان، ركبت إحداهما مع الأخرى، بخلاف أجرام النجوم فإنها لا يطلق على مجموع النجوم، والسماء أنهما نجوم لأنهما حقيقتان مختلفتان.

نعم قد يقال: هلا جعلت الأعلام برماحها حقيقة واحدة؛ لأن الجميع يسمى علما؟

وينبغى أن يعلم أنه إن صح تشبيه المفرد بالمركب، لا يكاد يتم إلا بأن يكون المفرد مقيدا فى المعنى.

القسم الرابع: تشبيه مركب بمفرده، كقوله:

يا صاحبىّ تقصّيا نظريكما ... تريا وجوه الأرض كيف تصوّر

تريا نهارا مشمسا قد شابه ... زهر الرّبا فكأنّما هو مقمر (١)

يريد أن النبات لشدة خضرته وكثرته، صار لونه إلى السواد، فنقص من ضوء الشمس حتى صار كأنه ليل مقمر، وفيه نظر؛ فقد يقال: المشبه النهار بقيد كونه مشمسا، أى لم يستر الغيم شمسه، وكونه كثر فيه الزهر، لا مجموع النهار والزهر، وكون المشبه به مفردا واضح، إلا أنه مفرد مقيد، ولا يكاد التشبيه يقع بين مركب ومفرد إلا والمفرد مقيد، كما سبق.

(تنبيه): القيد قد يكون الجار والمجرور، مثل: هو كالراقم على الماء، أو مفعولا صريحا، كقولهم: هو كمن يجمع سيفين فى غمد، وقد يكون حالا، كقول الطرماح:

يا ظبى السّهل والأجبال موعدكم ... كمبتغى الصيد فى عرينة الأسد (٢)


(١) البيتان لأبى تمام فى شرح ديوانه ص ١٤٨، من قصيدة يمدح فيها المعتصم، والإشارات ص ١٨٣، مطلعها:
رقت حواشى الدهر فهى تمرمر ... وغدا الثرى فى حليه يتكسر
(٢) البيت من البسيط، وهو للطرماح فى ديوانه ص ١٥٨، ولسان العرب ١٤/ ٣٥٣، (زبى)، وديوان الأدب ١/ ٣٤١، والمستقصى ٢/ ٢٣٢، وهو بلا نسبة فى لسان العرب ٦/ ١٣٦، (عرس)، ومقاييس اللغة ٤/ ٢٦٣، وجمهرة اللغة ص ٧١٦، وجمهرة الأمثال ٢/ ١٥١، وتاج العروس (عرس). ويروى بلفظ:" يا ظبئ ... ".

<<  <  ج: ص:  >  >>