للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيضا: إن تعدّد طرفاه:

فإما ملفوف؛ كقوله (١) [من الطويل]:

كأنّ قلوب الطّير رطبا ويابسا ... لدى وكرها العنّاب والحشف البالى

ــ

ص: (وأيضا إن تعدد طرفاه إلى آخره).

(ش): هذا تقسيم آخر للتشبيه باعتبار الطرفين، فإما أن يكونا متعددين، أو المشبه فقط متعدد، أو المشبه به فقط متعدد، أو لا يكون واحد منهما متعددا.

واعلم أن كلا من هذه الأقسام، أعم من كل من الأقسام السابقة؛ لأن كل واحد من المفرد المقيد، وغير المقيد، والمركب، قد يتعدد، وقد يتحد، وهذا غالب أقسام التشبيه، فالقسم الأول: أن يتحد كل واحد منهما، تركه المصنف لوضوحه؛ ولأن ما سبق يكفى فى مثاله، والثانى: أن يتعدد طرفاه - أى المشبه، والمشبه به معا - فهو قسمان:

الأول: يسمى الملفوف، وهو ما ذكر فيه المشبهان، ثم ذكر المشبه بهما، كقول امرئ القيس، يصف عقابا يصطاد الطير:

كأنّ قلوب الطير رطبا ويابسا ... لدى وكرها العنّاب والحشف البالى

والضمير فى قوله: وكرها يعود إلى العقاب؛ لأن المشبهين القلوب الرطبة والقلوب اليابسة، والمشبه بهما هما العناب والحشف البالى، فشبه القلب غير أن المشبه ملفوف باعتبار ذكر المشبهين أولا والمشبه به ملفوف؛ لأنه

لف مع مشبه به آخر، وإن كان لم يفصل بين أجزاء المشبه به فيه مشبه.

واعلم أن ما ذكره المصنف، وغيره فى بيت امرئ القيس فيه نظر؛ لأنا نقول: لا نسلم أن المشبه متعدد، وهو القلب الرطب، والقلب اليابس، ويكون بعض القلوب شبه بالعناب، وبعضها شبه بالحشف، بل كل واحد من القلوب، شبه بالعناب فى حالة رطوبته، والحشف فى حالة يبسه، كما اقتضاه كلام كثير. فالمشبه القلوب بقيد الرطوبة أو اليبوسة، فهو كتشبيه مفرد تعدد قيده باعتبار حالتين، وهو نظير قولنا: فى الجمود والشجاعة كالأسد والبحر، وقوله: (رطبا ويابسا) يمكن


(١) البيت لامرئ القيس فى ديوانه ص ٣٨، والإشارات ص ١٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>