للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإمّا غير تمثيل، وهو بخلافه.

وأيضا: إمّا مجمل، وهو ما لم يذكر وجهه: فمنه: ما هو ظاهر يفهمه كلّ أحد؛ نحو: زيد كالأسد خ خ، ومنه: خفى لا يدركه إلا الخاصّة؛ كقول بعضهم: هم كالحلقة المفرغة لا يدرى أين طرفاها؟! أى: هم متناسبون فى الشرف كما أنها متناسبة الأجزاء فى الصورة.

ــ

(قوله: وإما غير تمثيل، وهو ما لم يكن كذلك) وهو ما لم يكن وجهه منتزعا من متعدد على رأى المصنف، وعلى رأى السكاكى، ما لم يكن منتزعا أو كان وصفا حقيقيا.

التقسيم الثانى: باعتبار وجهه إلى: تشبيه مجمل، وتشبيه مفصل، فالمجمل ما لم يذكر وجهه بشئ، ويسمى مجملا لإجمال وجهه؛ وفيه نظر؛ لأن التشبيه حينئذ ليس مجملا، إنما المجمل وجهه؛ لكنه لا مانع من تسمية التشبيه أيضا مجملا؛ لأنه لخفاء وجهه، لا تتضح دلالته على المقصود منه، وهو إما أن يكون وجها ظاهرا يفهمه كل أحد، كقولك: زيد أسد - أى كالأسد؛ لأن كل أحد يعلم أن المراد فى الشجاعة، لكونه أشهر أوصاف الأسد، أو يكون خفيا لا يدركه إلا الخاصة، أى الذين لهم أذهان صحيحة، يرتفعون بها عن درجة العوام (كقول بعضهم: هم كالحلقة المفرغة، لا يدرى أين طرفاها) أى لتناسب أصولهم وفروعهم فى الشرف الذى يمتنع معه معرفة الطرف والوسط، كما أن الحلقة متناسبة الأجزاء فى الصورة، فوجه الشبه التناسب الذى يمتنع معه التفاوت؛ لكنه فى المشبه فى المعنى، وفى المشبه به فى الصورة، وإنما قيد الحلقة بالمفرغة؛ لأن المضروبة يعلم طرفاها بالابتداء والانتهاء، فكان ذكر الوصف حيث كان وجه الشبه مذكورا، وهو قوله: لا يدرى طرفاها، لأن وجه الشبه هو تناسب الأجزاء، وعدم دراية الطرفين لزم عن التناسب، ولأن عدم دراية طرفى الحلقة، ليس وجها؛ لأن الوجه أمر صادق على الطرفين، وطرفا الحلقة أمر لا يصدق على المشبه إذ لا يصدق على المشبه أن يقال: لا يدرى طرفاها، ولولا ضمير الحلقة المؤنث، الذى لا يمكن عوده على قوله: (هم) لكنت أقول: هو عائد إليهما، فيمكن حينئذ أن يجعل وجه

الشبه؛ لأنه لو قال: هم كالحلقة المفرغة، لا يدرى الطرفان، لصدق ذلك فى المشبه والمشبه به معا.

نعم قد يقال: هب أن وجه الشبه لم يذكر كيف يسمى هذا مجملا، وقد أشير فيه إلى وجه الشبه بذكر هذا الوصف الذى يصير به وجه الشبه ظاهرا، يفهمه أكثر الناس؟

<<  <  ج: ص:  >  >>