للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيضا: منه: ما لم يذكر فيه وصف أحد الطرفين، ...

ــ

وقوله: (لا يدرى طرفاها) قد يرد عليه أن الحلقة المفرغة ليس لها طرفان، وجوابه أنها سالبة محصلة، لا تستلزم وجود موضوعها، كقوله تعالى: لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً (١) وقول الشاعر:

على لا حب لا يهتدى بمناره (٢)

فيصدق أن يقال: كل من هذين الطرفين لا يعلم طرفاه، أما فى المشبه؛ فلأن له طرفين غير معلومين، وأما فى المشبه به، فلأنه لا طرف له، ولينظر بعد ذلك فى أن لفظ طرفاه فى هذا المثال جمع فيه بين الحقيقة والمجاز أو لا.

وهذه العبارة ذكر الشيخ عبد القاهر أنها قيلت للحجاج، حين سأل عن بنى المهلب، أيهم أنجد؟ ونسبه الزمخشرى فى سورة الزخرف إلى الأنمارية، قيل: هى فاطمة بنت الحرشب، تصف أبناءها حين سئلت، أيهم أفضل؟ فقالت: عمارة، لا بل فلان، لا بل فلان، ثم قالت: ثكلتهم إن كنت أعلم أيهم أفضل، هم كالحلقة المفرغة لا يدرى أين طرفاها.

وذكر المبرد فى الكامل نحوه وأولادها ربيع، وعمارة، وقيس، وأنس.

وبقى فى هذا المثال اعتراض، سنذكره قريبا إن شاء الله تعالى.

(قوله: وأيضا منه) أى من التشبيه المجمل (ما لم يذكر فيه وصف أحد الطرفين) أى لم يذكر معه وصف المشبه، ولا وصف المشبه به، كقولنا: زيد كالأسد.

واعلم أن قول المصنف: ما لم يذكر فيه وصف أحد الطرفين، قد ينازع فى دلالته على ما يقصده من أنه لم يذكر فيه وصف المشبه، ولا المشبه به، فيقال: هذا يصدق بأن يذكر فيه وصف أحدهما، فإنك إذا قلت: لم أضرب أحد هذين، قد يصدق بضرب أحدهما، وتقريره أن أحد الرجلين ليس نكرة، فيعم كل واحد منهما عموم النكرة فى


(١) سورة البقرة: ٢٧٣.
(٢) عجزه * إذا ساقه العود الديافى جرجرا. والبيت من الطويل، وهو لامرئ القيس فى ديوانه ٦٦، ولسان العرب ٩/ ١٠٨ (ديف)، ٩/ ١٦٥ (سوق)، ٩/ ٣١٥ (لحف)، وتهذيب اللغة ٥/ ٧٠، ١٣/ ٩٢، ١٤/ ١٩٨، وأساس البلاغة (سوق)، وتاج العروس ٢٣/ ٣١١ (ديف)، ٢٤/ ٣٥٨ (لحف)، ٢٣/ ٤٧٢ (سوف)، بلا نسبة فى لسان العرب ١٥/ ٣٢١ (نسا)، ومقاييس اللغة ٢/ ٣١٨، ومجمل اللغة ٢/ ٣٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>