كقوله [من البسيط]:
صدفت عنه ولم تصدف مواهبه ... عنّى وعاوده ظنّى فلم يخب
كالغيث إن جئته وافاك ريّقه ... وإن ترحّلت عنه لجّ فى الطّلب
وإما مفصّل، وهو ما ذكر فيه وجهه؛ كقوله [من المجتث]:
وثغره فى صفاء ... وأدمعى كاللآلى
ــ
ومنه ما ذكر فيه وصفهما معا، ومثله المصنف بقول أبى تمام:
صدفت عنه، ولم تصدف مواهبه ... عنّى؛ وعاوده ظنّى فلم يخب
كالغيث إن جئته، وافاك ريقه ... وإن ترحلت عنه، لج فى الطلب (١)
التقدير: وهو كالغيث، فإن البيت الأول مشتمل على وصف المشبه، والثانى مشتمل على وصف المشبه به، وهو الغيث، كذا قال المصنف، وهو الظاهر.
ويحتمل أن تكون الضمائر فى البيت الثانى عائدة إلى المشبه، ويكون استعمال الريق، وما بعده استعارة، ويروى: يصدف بالياء، ومواهبه مفعول من صدفه صدفا، فهو متعد، ويروى بالتاء من فوق، ومواهبه فاعل من صدف صدوفا وصدفا أيضا - أى: انصرف.
واعلم أن المصنف سكت عن القسم الرابع، وهو ما ذكر فيه وصف المشبه فقط، وكان ينبغى ذكره، والقول بأن ذلك لا يمكن؛ لأن وصف المشبه يقتضى أن يكون وجه الشبه فيه أتم منه فى المشبه به، والحال بالعكس ممنوع؛ لأنا نقول: ذكره فى المشبه لا يستدعى أن يكون فيه أتم، فقد يكون طوى ذكره فى المشبه به؛ لأنه فيه أشهر وأتم.
(قوله: والمفصل) هو قسيم قوله فيما سبق: المجمل (وهو ما ذكر وجهه كقوله:
وثغره فى صفاء ... وأدمعى كاللآلى)
فوجه التشبيه وهو الصفاء مذكور، وفيه نظر؛ لجواز أن يكون المراد ثغره فى صفائه كأدمعى، ويكون فيه ذكر صفاء الثغر، وصفاء الثغر ليس هو وجه الشبه؛ إنما الصفاء الذى هو أعم من صفاء الثغر، وصفاء اللآلى هو وجه الشبه. ويحتمل أن يكون ثغره مبتدأ، وفى صفاء خبره، ولا تشبيه فيه، لكنه بعيد.
(١) البيت لأبى تمام فى قصيدة مطلعها: أبدت أسى أن رأتنى ..... ديوانه ١/ ١١٣، والإشارات والتنبيهات ص ١٩٤.