للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمراد بالتفصيل: أن تنظر فى أكثر من وصف، ويقع على وجوه، أعرفها: أن تأخذ بعضا، وتدع بعضا؛ كما فى قوله (١) [من الطويل]:

حملت ردينيّا كأنّ سنانه ... سنا لهب لم يختلط بدخان

وأن تعتبر الجميع؛ كما مرّ من تشبيه الثريا. وكلّما كان التركيب من أمور أكثر، كان التشبيه أبعد.

ــ

ص: (والمراد بالتفصيل، أن ينظر فى أكثر من وجه واحد إلى آخره).

(ش): المراد بالتفصيل أن يكون المنظور فيه للتشبيه أكثر من وصف، سواء أكان وصفين، أم ثلاثة، أم أكثر، وسواء أكان ذلك الأكثر لشيء واحد، أم أكثر.

قوله: (ويقع، أى: التفصيل على وجوه) ينبغى أن يقول: على أحد وجوه، أعرفها وجهان: أحدهما: أن يأخذ بعض الأوصاف، ويدع بعضها. كقول امرئ القيس:

حملت ردينيا كأنّ سنانه ... سنا لهب لم يتّصل بدخان (٢)

المراد رمح منسوب إلى امرأة تسمى ردينة، فحصل التفصيل باعتبار أنه لم يأخذ سنا اللهب، بل اعتبره بقيد كونه لم يتصل بدخان على خلاف المعهود، فإن اللهب لا ينفك فى المعهود عن الدخان، فالشاعر فصل وأخذ اللهب منفصلا عن الدخان، واستحضاره اللهب المنفصل عن الدخان، لا يقع فى الخاطر إلا بتدقيق الفكر، وبهذا ظهر أن مراده بأخذ بعض الأوصاف وترك بعض: أن يأخذ الحقيقة، مريدا بعض أوصافها، مشترطا تعريها عن بعض الأوصاف، وهذا أخص من قولنا: ويدع بعضا.

(قوله: وأن يعتبر الجميع) هو الوجه الثانى، أى: يعتبر جميع أوصاف ذلك الشئ كما سبق. وفيه نظر؛ لأن اعتبار جميع الأوصاف لا يمكن، فينبغى أن يقال:

جملة منها، أو يقال: وجميع الأوصاف التى يجتمع منها تركيب فى المعنى.

مثاله: تشبيه الثريا بعنقود ملاحية، فإنه اعتبر فيها سبعة أشياء كما تقدم، وأورد على المصنف أنه ذكر أولا وجوها، ولم يذكر إلا اثنين، وهو غير وارد، كأنه لم


(١) البيت لامرئ القيس وليس فى ديوانه، الإشارات ص ١٩٦، ويروى (يتصل) بدلا من (يختلط).
الردينى: الرمح منسوب لامرأة تسمى ردينة اشتهرت بصناعة الرماح.
(٢) البيت لامرئ القيس فى ديوانه ص ١٧٠.
وله رواية: جمعت ردينيا كأن سنانه ...

<<  <  ج: ص:  >  >>