للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والوضع: تعيين اللفظ للدّلالة على معنى بنفسه؛ فخرج المجاز؛ لأنّ دلالته بقرينة، دون المشترك (١)، ...

ــ

كان هذا القول غلطا، فقد تقدم الكلام عليه. وقولنا:" فى اصطلاح التخاطب"، أخرج به القسم الثانى من المجاز: وهو ما استعمل فيما وضع له لكن لا فى ذلك الاصطلاح الذى وقع به التخاطب عند الاستعمال، كاستعمال" الصلاة" بعرف الشرع فى الدعاء، فإنه كلمة مستعملة فيما وضعت له، ولكن لا فى هذا الاصطلاح الذى وقع به التخاطب، فهو مجاز شرعى وإن كان حقيقة لغوية. وقد يقال: إذا استعملت الصلاة بعرف الشرع فى الدعاء لم تستعمل فيما وضع له، لأنها وإن وضعت للدعاء فلم تستعمل فيه بالوضع الشرعى، فلا توصف حال استعمالها بعرف الشرع أنها استعملت فيما وضعت له بوجه ما، وإلا لزم أن يكون المجاز موضوعا، وسيأتى أنه غير موضوع، وقد دخل فى هذا الحدّ الحقائق الأربع: اللغوية، والشرعية، والعرفية العامة، والعرفية الخاصة، ويمكن أن يقال:" فيما وضعت له فى اصطلاح التخاطب" فصل يخرج المجازات كلها والكلام فى اشتقاق الحقيقة والمجاز معروف فى كتب اللغة والأصول؛ وقوله:

" فى اصطلاح التخاطب" يتعلق بقوله:" وضعت له"؛ أى: الكلمة المستعملة فى شئ، وهى موضوعة فى اصطلاح

التخاطب لذلك الشئ الذى وقع به التخاطب؛ أى: الاستعمال. فإذا كان الخطاب بعرف الشرع، وأطلقت على الدعاء، فهى كلمة مستعملة فى شئ، وهى موضوعة فى هذا الاصطلاح لغيره، وقال بعض الشارحين: إنّ قوله:" فى اصطلاح التخاطب" يتعلق بقوله:

" المستعملة"، ثم قال:" ولو قال: على اصطلاح لسلم من أن يردّ عليه أن جارين متحدين لفظا ومعنى لا يتعلقان بشئ واحد، وليس ما قاله مراد المصنف لما ذكره" ومن جهة المعنى أيضا، فإنه يلزم أن يكون إطلاق الصلاة على الدعاء باصطلاح" الشرعي" حقيقة لأنها كلمة مستعملة فى اصطلاح وقع به التخاطب، ومستعملة فيما وضعت له لغة، وهو عكس مقصوده.

الوضع ص: (والوضع:" تعيين اللفظ للدلالة على معنى بنفسه، فخرج المجاز؛ لأن دلالته بقرينة دون الكناية).

(ش): لما جعل الوضع قيدا فى الحقيقة احتاج لتعريفه؛ فقال:" إنه تعيين اللفظ للدلالة على معنى، وهذا حسن، وقوله:" بنفسه" يخرج تعيين اللفظ للدلالة على معنى


(١) فإنه لم يخرج لأنه قد عين للدلالة على كل من المعنيين بنفسه، وعدم فهم أحدهما بالتعيين لعارض الاشتراك لا ينافى ذلك به.

<<  <  ج: ص:  >  >>