للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالضعف (١) نحو: ضرب غلامه زيدا ...

ــ

ذلك ثم قوله: تنافر الكلمات فيه نظر؛ لأن الكلام قد يكون كلمتين فقط، ويعنى بقوله تنافر الكلمات منافرة كل واحدة للأخرى، لا تنافر أجزاء كلمة واحدة، فإن ذلك من فصاحة الكلمة. قوله: (فالضعف نحو ضرب غلامه زيدا) فإن فيه رجوع الضمير إلى المتأخر لفظا ورتبة، وقد اختلف فى جواز ذلك، فالجمهور على منعه، وجوزه أبو الحسن، والطوال، وابن جنى، وابن مالك مستدلين بقوله:

جزى ربّه عنّى عدىّ بن حاتم ... جزاء الكلاب العاويات وقد فعل (٢)

وأجيب عنه بأن الضمير لمصدر جزى، وكذلك قوله:

جزى بنوه أبا الغيلان عن كبر ... وحسن فعل كما يجزى سنمّار (٣)

وأجيب عنه بجواز أن يكون الضمير لمتقدم فى بيت سابق.

واعلم أن المصنف والشراح قالوا: إنما كان ضعيفا؛ لأن ذلك ممتنع عند الجمهور، ولا يجتمع القول بضعفه، وكونه غير فصيح مع القول بامتناعه. فإن أرادوا أنه جائز، ولكنه ضعيف؛ لأن الأكثر على امتناعه فلا يلزم من القول بجواز ما منعه الجمهور الاعتراف بضعفه، فربما ذهب ذاهب إلى جواز شئ وفصاحته مع ذهاب غيره إلى امتناعه، فليتنبه لذلك. وقد وقع فى عبارة الخفاجى أن التصرف الفاسد يخل بالفصاحة، فإن أراد ما ليس بكلام ففيه نظر؛ لأن الفصاحة من صفات الكلمة والكلام فما ليس بكلام لا يسمى غير فصيح، إذ لا تسلب الصفة عن غير القابل، ولو خلينا وعبارة التلخيص، لأخذنا منها جواز ذلك، كما اختاره ابن مالك. وعليه اعتراض ثان، وهو أن هذا على تقدير جوازه وضعفه ليس مثالا صحيحا، لأن هذا


(١) هو أن يكون تأليف الكلام على خلاف القانون النحوى المشهور بين الجمهور، كالإضمار قبل أن يذكر اللفظ.
(٢) البيت من الطويل، وهو للنابغة الذبيانى فى ديوانه ١/ ١٦٦، والخصائص ١/ ٢٩٤. وبلا نسبة فى الإيضاح ص ٥ بتحقيقنا ط. مؤسسة المختار.
(٣) البيت من البسيط، وهو لسليط بن سعد فى الأغانى ٢/ ١١٩، وخزانة الأدب ١/ ٢٩٣، ٢٩٤. وبلا نسبة فى تخليص الشواهد ص ٤٨٩،
وتذكرة النحاة ص ٣٦٤، وخزانة الأدب ١/ ٢٨٠، وشرح عقود الجمان (١/ ١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>