للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله (١) [من الطويل]:

كريم متى أمدحه أمدحه والورى ... معى وإذا ما لمته لمته وحدى

ــ

وبخط عبد اللطيف البغدادى:

وما بقرب قبر حرب قبر

قال الكرمانى: ذكروا أنه من شعر الجن، وأنه لا يتهيأ لأحد أن ينشده ثلاث مرار فلا يتتعتع اه. وفيه إقواء، لأن البيت مصرع أو هما بيتان من مشطور الرجز، وحركة الأول الخفض والثانى الرفع، ولا يمكن أن يكون مصرعا، ويكون بيتا واحدا. فإن قوله (بمكان قفر) لا يصلح أن يكون عروضا إنما هو ضرب لما تقرر فى علم العروض، فلا بد من جعله بيتا مشطورا، أو نصفا مصرعا فإن التصريع يلحق العروض بالضرب، وجعل بعض الشراح ذلك من تنافر الحروف، وليس كذلك؛ لأن كل كلمة على انفرادها لا تنافر فيها، وكل ما حصل فيه تكرار الحروف، فإن فيه هذا التنافر، ولا يرد قوله تعالى: وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ (٢) لأن فى مخرجى الميم والنون - وهما طرف اللسان والشفة وذلاقتهما، وتوسطهما بين الضعف والقوة - ما أزال ثقل التكرار، وجعل الخفاجى ثقل هذا البيت؛ لتقارب الحروف المتماثلة وتكررها أيضا، ومن التكرار القبيح على ما ذكره ابن الأثير فى الجامع:

وازورّ من كان له زائر ... وعفّ عافى العرف عرفانه (٣)

(وكقوله: كريم متى أمدحه) قد جعل فى الإيضاح التنافر منقسما إلى أعلى وهو ما سبق، ودونه وهو قول أبى تمام:

كريم متى أمدحه، أمدحه والورى ... معى وإذا ما لمته، لمته وحدى (٤)


(١) البيت لأبى تمام أورده فخر الدين الرازى فى نهاية الإيجاز ص ١٢٣ وجاء البيت برواية:
كريم متى أمدحه أمدحه والورى ... جميعا ومهما لمته لمته وحدى
(٢) سورة هود: ٤٨.
(٣) البيت من السريع، وهو فى مقامات الحريرى من المقامة التفليسية كما فى المثل السائر (١/ ٣٠٩).
وازور: مال وأعرض، وعاف: استقذر، والعافى: طالب العطاء (هامش المثل السائر).
(٤) البيت من الطويل، أورده فخر الدين الرازى فى نهاية الإيجاز ص (١٢٣) وعزاه لأبى تمام، وهو كذلك فى الإيضاح بتحقيقنا ص (٦)، وتلخيص مفتاح العلوم ص (٧)، والتبيان للطيبى بتحقيقنا ٢/ ٤٩٦ وشرح عقود الجمان (١/ ١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>