للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

آراؤه مثل النّجوم ثواقبا ... لو لم يكن للثاقبات أفول (١)

فإن المراد أنها مثل النجوم من كل وجه، فلذلك شرط عدم الأفول فتقدير الكلام هنا فى التعجب: كيف لا تبلى غلالته، وهو كالبدر من كل وجه، وحينئذ فالتعجب لا ينافى المجاز، وإذا كان قولنا:" كالبدر من كل وجه" لا ينكر التعجب بما ذكر، فالاستعارة التى هى أبلغ منه أولى، إلا أن يقال: بلى الغلالة ليس من الأوجه التى يقصد أن يشبه

بها المستعار له، لأنه ليس وصفا مقصودا، ومعنى قولنا:" هو كالبدر من كل وجه" أى كل وجه حسن مقصود. ثم أورد السكاكى أن الإصرار على ادعاء الأسدية للرجل الشجاع ينافى نصب القرينة المانعة من إرادة السبع المخصوص، كقولك: جاء أسد يرمى بالنشاب، وأجاب بمنع المنافاة، لأن مبنى دعوى الأسدية لزيد على ادعاء أن أفراد جنس الأسد قسمان: قسم متعارف، وهو الحيوان المعروف، وغير متعارف، وهو الذى له تلك القوة والجراءة، لا مع تلك الصورة، بل مع صورة أخرى على نحو ما ارتكب المتنبى فى عد نفسه وجماعته من جنس الجن، وعد جماله من جنس الطير حيث قال:

نحن قوم ملجنّ فى زىّ ناس ... فوق طير لها شخوص الجمال (٢)

ومنه قولهم:

تحية بينهم ضرب وجيع

وقوله تعالى: يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (٣)، وقول الشاعر:

وبلدة ليس بها أنيس ... إلا اليعافير وإلا العيس (٤)


(١) البيت لرشيد الدين الوطواط محمد بن محمد بن عبد الجليل بن عبد الملك المتوفى سنة ٥٧٣ هـ الإشارات ص ١٩٨، والإيضاح ص ٢٣٩، لكن صدر البيت بلفظ" عزماته".
(٢) الإيضاح بتحقيقى ص ٢٦٠.
(٣) سورة الشعراء: الآيتان (٨٨، ٨٩).
(٤) لجران العود النميرى، ديوانه ص ٩٧ ويروى:
بساسا ليس بها أنيس * ... إلا اليعافير وإلا العيس
المصباح ص ١٢٧، المفتاح ص ٣٧٢، الإشارات ص ٢١١ والإيضاح بتحقيقى ص ٢٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>