أحدهما: أن هذه علة تستلزم أحد نوعى المدعى، وهو علم الشخص أما علم الجنس، فما ذكره لا يقتضى أن يمتنع التجوز به إلى غيره فيقال:" رأيت أسامة" يعنى" زيدا الشجاع" والظاهر أن ذلك جائز، وقد قررت فى شرح المختصر أن علم الجنس كلى، وأن ما أطلقوه من أن الأعلام جزئية محمول على أعلام الأشخاص.
الثانى: أنه لو كانت العلة فى امتناع أن تكون الاستعارة علما ما ذكره لجاز التجوز فى الأعلام بالمجاز المرسل؛ لأنه ليس فيه مشبه ولا مشبه به، ولا ادعاء، والظاهر أن ذلك لا يجوز فلا نقول:" جاء زيد" تعنى" رأسه"، وقد صرح بذلك الإمام فخر الدين فى المحصول، حيث قال: إن نحو: رأيت زيدا، وضربت زيدا مجاز عقلى، لأن الأعلام لا يتجوز عنها، ويشهد لذلك أيضا أن المجاز فرع الحقيقة، والعلم ليس حقيقة ولا مجازا، فكيف يتجوز عنه. واستدل المصنف فى الإيضاح على أن الاستعارة لا تدخل فى الأعلام بأن العلم لا يدل إلا على تعيين شئ من غير
إشعار بأنه إنسان أو غيره فلا اشتراك بين معناه وغيره إلا فى مجرد التعيين.
ونحوه من العوارض العامة التى لا يكفى شئ منها جامعا فى الاستعارة (قوله:
إلا إذا تضمن نوع وصفية كحاتم) يشير إلى أن العلم إذا تضمن وصفا كما أن اسم حاتم تضمن وصف الجود لشهرته به ومادر تضمن وصف البخل وما أشبههما، فيجوز أن يقال:" جاء حاتم" تعنى" زيد"(قلت): ولا حاجة لهذا الاستثناء بل هو منقطع؛ لأن ذلك إنما يفعل بعد تنكير العلم وتنكير العلم قد يكون تقديرا، وهذا منه، ومنه قول أبى سفيان: لا قريش بعد اليوم. فالاستعارة حينئذ لم تلاق العلم، بل لاقت النكرة، ويسمى هذا حينئذ استعارة تبعية، كما سيأتى. وقد قيل: إنها تتحمل الضمير وأما قوله: إن نحو:" حاتم" تضمن وصفا، فليس كذلك، فإن لفظ" حاتم" لم يتضمن الجود، ولم يدل عليه لا قبل العلمية، ولا معها، ولا بعدها، وإنما مسمى العلم موصوف يوصف اشتهر عنه وعبارته توهم أن المراد الأعلام المنقولة من الصفات، كالفضل مثلا، فإنه لو اشتهر شخص سمى بالفضل بفضل، جاز أن تقول: مررت بالفضل، مريدا شخصا يشبهه فى الفضل، فذلك واضح، ويمكن ادعاء دخول الاستعارة فيه، كما قيل: إنه يتحمل ضميرا، لكن ليس هذا المراد بدليل التمثيل بحاتم ومادر، وقوله: تضمن الوصفية يوهم هذا. وحاتم الطائى