الكلى مشتقا كان أم غيره، وليت شعرى إذا كان الرجل اسم جنس يصح أن يوصف، والضرب القائم به اسم جنس يصح أن يوصف، فالمتركب منهما وهو ضارب ما منعه من أن يوصف، فيستعار منه بحسب المعنى المتركب منهما، أو بحسب أحدهما.
واعلم أن الصفة فى المعنى غير الصفة فى اللفظ فأنت إذا قلت: مررت بزيد القائم، فصفة زيد التى تضمنها كلامك فى المعنى هى القيام، وصفته فى اللفظ هى لفظ قائم، وإنما أتينا باسم الفاعل؛ لعدم إمكان وصف الذات بالمصدر، إذ لا يصح أن تقول: مررت بزيد القيام، فاحتجنا إلى الإتيان بالاسم الدال على الذات باعتبار الصفة، وكما أن الصفة
لا تقوم بنفسها وإنما تقوم بموصوفها، كذلك الصفة فى اللفظ لا يمكن إجراؤها على موصوفها إلا بذكر ما يدل على ذاتها، وإذا تقرر هذا فالحقيقة والمجاز قد علمت أنهما لفظان، فالمحكوم بكونه مجازا إنما هو اللفظ، وكون المقصود إنما هو الصفة لا يقضى بأن اللفظ لم يستعمل مدلوله أصالة لغيره، فقد وضح بذلك استشكال ما ذكروه من أن المشتق ليس مجازا بالأصالة، ولم يبق إلا أن يقال:" الناطق" مثلا إذا كان مشتقا من النطق فلا بد أن يكون فرعا له؛ لأن المشتق فرع المشتق منه. ولا بد أن يكون مشتقا من النطق الحقيقى، لأن المشتق شرطه أن يوافق أصله بالمعنى والحروف، فتعين أن يكون مشتقا من نطق مجازى؛ لتكون استعارته تبعية بهذا الاعتبار، وقد يعترض على هذا بمنع اشتمال المشتق على جميع معنى المشتق منه، بل يكون فيه شئ من معناه، وقد يكون بين الضارب المجازى والضارب الحقيقى اشتقاق فى جزء المعنى بقى أن يقال:
إذا كان مدلول المشتق مركبا فالتجوز فيه يكون باعتبار الصفة فقط، كما إذا أردت أن تكون الصفة التى اشتق الاسم منها هى الجامع وهذا هو الذى يبتدر إليه الذهن، لأنك إذا شبهت" زيدا" بالقائم" فالظاهر أن تشبهه به فى القيام، لأن ترتب الحكم على الوصف يشعر بالعلية، فإن كان المصنف يعنى بكون الاستعارة فيه تبعية أن المقصود إنما هو الصفة فى الغالب، فنحن نسلم ذلك، وقد يكون التشبيه باعتبار الذات والصفة معا فيكونان مقصودين بأن يجعل الجامع تلك الصفة، وأمرا آخر يشتركان فيه من جنس، أو نوع، أو غير ذلك على ما سبق فى التشبيه، ويحتمل أن يكون الجامع هو أمر ذاتى فقط، ولا ينظر إلى الصفة وجواز هذا بعيد، ولا يكاد يقع وقد يكون التشبيه فى المشتقات، والاستعارة فيها بحسب الزمان،