كإطلاق الضارب على من وقع منه ضرب ماض، لا باعتبار إطلاقه عليه لأنه كان عليه، فإن ذلك مجاز مرسل، بل باعتبار تشبيه حالته بعد الضرب بحالته ضاربا، فهو استعارة باعتبار الصفة. وأما قولهم فى:" جواد فياض" أن فياضا صفة لجواد، فالجواب عنه صحيح. إنما القول بأن فياضا صفة جواد، هو أحد القولين. وقيل: إنهما صفتان للجامد قبلهما. وعلى القولين فليس مما نحن فيه، لأن ذلك فى الصفة النحوية، وكلامنا فى الصفة المعنوية. وأما تقرير الخطيبى لما قاله المصنف وأتباعه بقوله: لأن الموصوفية للجوهر لا للعرض فكلام عجيب، لأنه يقتضى أن لا يتجوز بأسماء الأجناس الموضوعة للمعانى، وقد مثل هو بها قبل ذلك فى هذا الكلام، والمصنف والسكاكى لم يقولا: إنما تكون للجوهر، وإنما قالا: إنما تكون للحقائق، والحقائق أعم من الجواهر والأعراض.
وقول المصنف:" نحرير" و" باسل" لا يصح أن يكون مثالا للمشتق من الاستعارة؛ لأن باسلا معناه شجاع ليس
حقيقة فى" الأسد" حتى يستعار لغيره، والظاهر أن نحريرا حقيقة قال الجوهرى: النحرير، العالم، ثم يرد على الجميع علم الجنس، فإنه يتجوز به قطعا، وكذلك يرد عليهم الأسماء التى أصلها صفات، واستعملت استعمال الأسماء، فإنها لا إشكال أن الاستعارة فيها أصلية حتى إن منها ما لا يحتاج إلى تقدير موصوف قبله، بل يباشر العوامل بنفسه، كقوله تعالى: وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ (١) فإن الجوارى هنا لا تحتاج لموصوف قبلها، كما صرحوا به، فإذا سلمت ما ذكرناه فانقل منه إلى الأفعال والحروف ما يمكن نقله، وبالجملة نحن ماشون على ما ذكره الأئمة (قوله: وإلا) أى وإن لم يكن اسم جنس، يعنى والفرض أنها استعارة حتى لا يرد عليه الأعلام، فإنها ليست مجازات.
الاستعارات الواقعة ضمائر أو أسماء إشارات: واعلم أن الاستعارات الواقعة ضمائر، أو أسماء إشارات لها حكم ما يطابقه من مفسر إن كانت ضمائر ومشار إليه إن كانت أسماء إشارة، والظاهر أنها كلها داخلة فى التبعية، فإن الاستعارة فيها باعتبار الاستعارة فيما ترجع إليه، أو يقال: إنها لا يتجوز بها، فإن وضعها أن تعود على ما يراد بها من حقيقة ومجاز، فإذا قلت:" رأيت