للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أسدا يرمى فأكرمته" فضمير المفعول حقيقة لعوده على مفسره، وذلك وضعه. وإذا قلت:

" يأيها الأسد الرامى بالنبل" مشيرا إلى الإنسان، فالضمير فى قولك: الرامى حقيقة (قوله: كالفعل) يشير إلى أن الأفعال استعارتها تبعية، فإنها إنما تستعار باعتبار استعارة المصدر، فإذا قلت:" نطق الحال" فقد استعرت أولا النطق للدلالة، ثم أطلقت نطقت، فالمشبه الدلالة، والمشبه به النطق، والجامع حصول الفائدة. ويرد عليه ما سبق من أن المجاز لفظ المصدر الذى هو النطق، ولم يلفظ به حتى يكون هو المستعار أولا، ثم اشتق منه النطق، وجوابه أنه المستعار أولا تقديرا لا تحقيقا، ثم يلزم أن يكون نطق الفعل الملفوظ به مستعارا من النطق المجازى. والغزالى فى طائفة من الأصوليين يقولون:

إن المجاز لا يشتق منه، ومراد المصنف استعارة الفعل بحسب مصدره، ولا شك أن الفعل يدل على حدث وزمان، ودلالته على كل منهما بالتضمن، وعلى مجموعهما بالمطابقة وقيل: يدل على الحدث بالمطابقة، وعلى الزمان بالالتزام وقيل: يدل على كل منهما بالمطابقة كالمشترك. وفيه مباحث ذكرناها فى شرح المختصر. فالفعل إذا

تجوز به تارة يتغير حدثه فقط مثل:" نطقت الحال" بمعنى دلت، وهو الذى ذكره المصنف، وليس اللفظ فيه مستعملا فى غير موضوع بالكلية (؟) فى بعض مدلوله وهو الزمان، وغير مدلوله وهو الحدث، وتارة يتغير زمانه فقط، كقولك:" أتى زيد" بمعنى أنه يأتى، فالمصدر لم يتجوز به، بل تجوز بالتعبير بالماضى عن المستقبل، وهذا أشبه بالمجاز المرسل، وقوله تعالى: أَتى أَمْرُ اللَّهِ (١) يحتمل أن يكون المراد قارب الإتيان، أو أتت مقدماته، فيكون من تحويل المصدر. ويحتمل أن يكون المراد يأتى، فيكون من تحويل الزمان، وتارة يقصد تحويل مدلولى الفعل، فتقول:" نطقت الحال" بمعنى أنها ستدل، فهو دائر بين الاستعارة والمرسل بحسب مدلوليه. (قوله: ما يشتق منه) يشير إلى الصفات" كالناطق" فهو مستعار للدالّ، وكقوله تعالى: ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (٢)، وقوله تعالى: إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ (٣) فالمستعار فى الأصل هو المصدر. وما قاله ضعيف، فإن الصحيح أن الصفات مشتقة من المصدر لا من الفعل وقد تقدم الكلام على كون استعارة المشتقات تبعية وقوله: و" الحروف" يشير إلى أن


(١) سورة النحل: ١.
(٢) سورة الدخان: ٤٩.
(٣) سورة هود: ٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>