للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الثانى: ما لا يلائم واحدا منهما باعتبار الحقيقة ويلائمهما باعتبار المجاز، كقوله:

" غمر الرداء" فإن لفظ" غمر" لا يلائم باعتبار الحقيقة:" الرداء" الحقيقى، ولا المعروف، وباعتبار المجاز يناسب كلا منهما، فتقول:" ثوب غمر" و" معروف غمر" على سبيل المجاز، وبهذا يتبين لك أن ما ادعاه المصنف، وغيره من أن قول كثير:

" غمر الرداء" متعين لأن يكون مقرونا بما يلائم المستعار له. فيه نظر، نعم قد تكون ملاءمة ذلك الوصف المجازى للمستعار له، أو للمستعار منه أوضح من ملاءمته للآخر، فحينئذ يترجح ذلك، مثل قوله تعالى: فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ (١) فإن استعارة الإذاقة للحوادث والدواهى أوضح من استعارتها للباس.

الثالث: أن يكون الوصف يلائم كل واحد منهما حقيقة، كقولك:" رأيت أسدا قويّا" أو" باسلا" فهذا وصف يلائم كلا منهما فيصدق عليه أنها استعارة مجردة مرشحة، ولفظ" القوى" و" الباسل" حقيقة، والمراد بهما الرجل الشجاع.

الرابع: أن يكون الوصف ملائما للمستعار له حقيقة، ولا يلائم المستعار منه كقولك:

" رأيت أسدا يرمى بالنشاب" تريد حقيقة الرمى، فهذه استعارة مجردة لا مرشحة، خلافا للطيبى، فإنه زعم أنها مطلقة، وقد رددنا عليه فيما سبق.

الخامس: أن يكون الوصف ملائما للمستعار له حقيقة، ولكنه تجوز فيه، فذكر على وجه يلائمهما معا، كقولك:" رأيت أسدا ترمى هيبته القلب بالنبل" فهذا وصف يلائمهما - أيضا، لكن على سبيل المجاز فيهما، فقد يقال: إن هذه تسمى مرشحة ومجردة - أيضا -.

السادس: أن يكون الوصف ملائما للمستعار منه، بأن يكون وصفا حقيقيّا له، ولا يلائم المستعار له، لا حقيقة ولا مجازا، فهذا القسم متعذر؛ لأن ذلك الوصف ما لم يلائم المستعار له لا مدخل له فى الكلام، لأن المراد بالاستعارة إنما هو المستعار له، فالأوصاف لا بد أن تكون له معنى إذ لا يصح أن تقول:" رأيت أسدا يمشى على أربع" مريدا حقيقة المشى على أربع، ومريدا بالأسد الرجل الشجاع.


(١) سورة النحل: ١١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>